للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أبو مجلز والضحاك أيضًا وعكرمة وابن زيد وغيرهم: قَبْل الْمُعَايَنَة للمَلائكَة والسَّوْق، وأن يُغْلَب الْمَرْء على نَفْسِه (١).

وفي قَوله تَعالى: (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ) [النساء: ١٨] قال: نَفَى سبحانه أن يَدْخُل في حُكْم التَّائبِين مَنْ حَضَرَه الْمَوْت، وصَارَ في حِين اليَأس، كَمَا كَان فِرْعَون حِين صَار في غَمْرَة الْمَاء والغَرَق، فَلَم يَنْفَعه مَا أظْهَر مِنْ الإيمان، لأنَّ التَّوبَة في ذَلك الوَقْت لا تَنْفَع، لأنّها حَال زَوَال التَّكْلِيف. وبِهَذا قال ابن عباس وابن زيد وجُمْهُور الْمُفَسِّرِين. وأمَّا الكُفَّار يَمُوتُون على كُفْرِهم فلا تَوبَة لَهم في الآخِرَة (٢).

وفي قَوله تَعالى: (وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ) [الشورى: ٢٥]: أي: الشِّرْك قَبل الإسْلام (٣).

[ملخص جواب القرطبي]

١ - نَزَلَتْ في اليَهُود كَفَرُوا بِعِيسَى والإنْجِيل، ثم ازْدَادُوا كُفْرًا بمحمد صلى الله عليه وسلم والقُرآن.

٢ - نَزَلَتْ في اليَهُود والنَّصَارَى كَفَرُوا بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد إيمانِهم بِنَعْتِه وصِفَتِه، ثم ازْدَادُوا كُفْرًا بإقَامَتِهم على كُفْرِهم.

٣ - في اليَهُود حَيث (ازْدَادُوا كُفْرًا) بالذّنوب التي اكْتَسَبُوهَا، وهو اختيار الطبري.

٤ - لن تُقْبَل تَوْبَتُهم إذا عايَنُوا الْمَوْت، كَمَا كَان مِنْ فِرْعَون.

٥ - لن تُقبل تَوبَتُهم التي كَانُوا عَليها قَبْل أن يَكْفُرُوا؛ لأنَّ الكُفْر قد أحْبَطَها.

٦ - لن تُقْبَل تَوبَتُهم إذا تَابُوا مِنْ كُفْرِهم إلى كُفْرٍ آخَر، وإنما تُقْبَل تَوبَتُهم إذا تَابُوا إلى الإسْلام.


(١) المرجع السابق (٥/ ٨٩).
(٢) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٥/ ٩٠).
(٣) المرجع السابق (١٦/ ٢٥).

<<  <   >  >>