للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[رأي الباحث]

أنَّ آيَة "البَقَرة" مَنْسُوخَة، وأنَّ القِتَال في الأشْهُر الْحُرُم لا يَحْرُم دفعًا وابْتِداءً.

وأن تَحْرِيم ذَلك كَان في أوَّل الأمْر، ثم نُسِخ، وأُبِيح القِتَال في جَمِيع الأزْمِنَة.

وهو قَول جَمَاهِير العُلَمَاء مِنْ الْمُفَسِّرين والفُقَهَاء (١)، فقد أخْرَج ابن أبي شيبة (٢) وعبدُ بن حُميد (٣) وأبو داود في ناسِخِه عن قَتادة أنَّ قَوله: (وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) [البقرة: ١٩١]، وقَولَه: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) [البقرة: ٢١٧]، فَكان كَذلك حَتى نَسَخ هَاتين الآيَتَين جَمِيعًا في "بَرَاءة" قَوله: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) و (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً) (٤).

ورَوَى البيهقي مِنْ طريق أبي إسحاق قال: سَألتُ سُفيان عن قَولِ الله: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) قال: هَذا شَيء مَنْسُوخ، وقد مَضَى، ولا بَأس بالقِتَال في الشَّهْر الْحَرَام وغَيره (٥).

قَال الشنقيطي في قَوله تعالى: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا) [البقرة: ١٩٠] مَا نَصّه:

هذه الآية تَدُلّ بِظاهِرِها على أنَّهُم لم يُؤمَروا بِقتَال الكُفَّار إلَّا إذا قَاتَلوهُم، وقَد جَاءت آيَات أُخَر تَدُلّ عَلى وُجوبِ قِتَال الكُفَّار مُطْلَقًا؛ قَاتَلُوا أم لا، كَقوله تَعالى:


(١) وإن كان ابن القيم نَصَر القول بِعَدم النَّسْخ وأنّ الآية مُحكمة، وذلك في مَوضِعَين من "زاد المعاد" (٣/ ٣٤١، ٣٩١).
(٢) المصنَّف (ح ٣٦٦٥٢).
(٣) لم أقِف عليه. وكذلك الذي يَليه.
(٤) فتح القدير، الشوكاني (١/ ١٩٢).
(٥) السنن الكبرى (ح ١٧٥٢٦).

<<  <   >  >>