للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مقارنة جوابه وجمعه بين الآيات بجمع غيره من العلماء]

الإجْمَاع مُنعقِد بين المفسِّرِين عَلى أنَّ السَّمَاوات والأرْض خُلِقَتْ في سِتَّة أيام.

قال السَّمعاني: وأجْمَعُوا عَلى أنَّ خَلْق الكُلّ كَان في سِتَّة أيام لا في ثَمَانِية أيام، بل أرَاد به أرْبَعة أيام مَع اليَومَين (١).

ورَوى ابنُ جَرير بإسْناده إلى عليّ عن ابْنِ عباس في قَوله (٢) حَيث ذَكَرَ خَلْق الأرْض قَبْل السَّماء، ثم ذَكَر السَّمَاء قَبْل الأرْض، وذَلك أنَّ الله خَلَق الأرْض بأقْوَاتِهَا مِنْ غَير أنْ يَدْحُوها قَبْل السَّمَاء، ثم اسْتَوى إلى السَّمَاء فَسَوّاهن سَبْع سَمَاوَات، ثم دَحَا الأرْض بَعْد ذلك؛ فَذلك قوله: (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا).

وتَسَاءَل ابنُ جرير فَقال: فإن قَال لَنا قَائل: فما صِفَة تَسْوية الله جل ثناؤه السَّمَاوات التي ذَكَرَها في قوله: (فَسَوَّاهُنَّ)، إذْ كُنَّ قد خُلقْنَ سَبْعًا قَبْل تَسْوِيَتِه إياهُنّ؟ ومَا وَجْه ذِكْرِ خَلْقِهن بَعْد ذِكْر خَلْق الأرْض؟ أَلَانها خُلِقَتْ قَبْلها أمْ بمعنى غير ذلك؟ (٣)

ثم قال بَعْد أنْ سَاق الرِّوَايات في هذا البَاب: فَمَعْنَى الكَلام إذًا: هُو الذي أنْعَم عَليكم، فَخَلَقَ لَكُمْ مَا في الأرْض جَمِيعًا، وسَخَّرَه لَكُمْ تَفَضُّلًا مِنه بِذلك عَليكم، ليكون لَكُمْ بَلاغًا في دُنْياكُم، ومَتَاعًا إلى مُوَافاة آجَالِكم، ودَلِيلًا لَكُمْ عَلى وَحْدَانِيَّة رَبّكم، ثم عَلا إلى السَّمَاوات السَّبْع وهي دُخَان، فَسَوّاهن وحَبَكَهُنّ، وأجْرَى في بَعْضِهن شَمْسَه وقَمَرَه ونُجُومَه، وقَدَّر في كُلّ وَاحِدة مِنْهُنّ مَا قَدَّر مِنْ خَلْقِه (٤).


(١) تفسير القرآن، مرجع سابق (١/ ٣٥٤)، وكأنه لم يَلتَفت إلى قَول من قال بخلاف ذلك، لضعفه وشذوذه.
(٢) هكذا في طبعة دار هجر، وفي تفسير "النازعات" (٢٤/ ٩٢): عن ابن عباس قولَه .....
(٣) جامع البيان، مرجع سابق (١/ ٤٦١).
(٤) المرجع السابق (١/ ٤٦٥).

<<  <   >  >>