للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وممن قال بِتَخْصِيص الْحَامِل مِنْ عُمُوم الآية: القاسمي، فإنه قَال في آية "البقرة" ما نَصّه: خُصّ مِنْ عُمُوم الآية الْحَامِل الْمُتَوفَّى عَنها زَوجها، فإنَّ عِدَّتها بِوَضْع الْحَمْل لِقَولِه تَعالى: (وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ)، ولِمَا في الصَّحِيحَين (١) عَنْ سُبَيعَة الأسْلَمِية (٢).

[رأي الباحث]

لَفْظ آية "البقرة عَامّ يُرَاد بِه الْخُصُوص في الْمُطَلَّقَات ذَوَاتِ الأقْرَاء، وخُصَّ مِنه الْحَامِل، فإنَّها تَعْتَدّ بِوَضْعِ الْحَمْل، سواء كانت مُطلّقة أو مُعْتَدة عِدّة وفاة.

فآية "البقرة" عَامَّة، وآية "الطَّلاق" خَاصَّة، والعَامَّ يُحْمَل على الْخَاصَّ، فلا تَعَارُض بَين الآيَات.

وقد دَلَّتِ السُّنَّة على ذلك.

قالت سُبيعة: جَمَعْتُ عَليّ ثِيابي حِين أمْسَيْتُ فَأتَيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فَسَألْتُه عن ذلك، فأفْتَانِي بأَنِّي قَدْ حَلَلْتُ حِين وَضَعْتُ حَمْلِي، وأمَرَنِي بالتَّزَوّج إنْ بَدَا لي. قال ابن شهاب: فلا أرَى بأسًا أنْ تَتَزَوَّج حِين وَضَعَتْ، وإنْ كَانَتْ في دَمِها غَير أنْ لا يَقْرَبها زَوجها حَتى تَطْهُر (٣).

وهذا الْحُكم وإن كان في خُصوص الْمُتوفَّى عنها زوجها، إلَّا أنه عام في كلّ حامل، فتَعْتَدّ بِوضْع حَمْلها، "ولا خِلاف في ذلك إلَّا ما رُوي عن علي وابن عباس في الْمُتَوفَّى عنها زوجها أنه لا يُبْرأها مِنْ عِدّتها إلَّا آخر الأجلين. وقالت به فِرقة ليست مَعدودة في أهل السنة" (٤).


(١) سبق تخريجه، وهو مُخرّج في الصحيحين.
(٢) محاسن التأويل، مرجع سابق (٣/ ١٩٧).
(٣) الحديث سبق تخريجه، وهو مُخرّج في الصحيحين، وهذه رواية مسلم (ح ١٤٨٤).
(٤) الاستذكار، مرجع سابق (٦/ ٢١٢).

<<  <   >  >>