للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منهج الإمام القرطبي دفع التعارض:

تَقَدَّم في الفَصْل الأوَّل بَيَان طَرِيقَة الإمام القُرْطُبي في دَفْع تَوَهُّم التَّعَارُض مِنْ خِلال أرْبَعَة مَبَاحِث، تَضَمَّنَتْ أرْبع طُرُق، ومِن خِلال هَذا الفَصْل نَتَبَيَّن مَنْهَجه أيضًا مِنْ خلال طُرُق أُخْرَى، وإن كان بَيْن تِلك الطُّرُق وهَذه الطُّرُق تَدَاخُل، إلَّا أنَّ بَعضها أخَصّ ببعض الْجَوَانِب مِنْ بَعضها الآخَر.

وأوَّل هَذه الطُّرُق الْجَمْع بَيْن الآيَات بالإكْثَار مِنْ الأحَادِيث الْمَرْفُوعة، وهو:

[المبحث الأول: الجمع بين الآيات بالإكثار من الأحاديث المرفوعة]

مِمَّا يَعْتَمِد عَليه الْمُفَسِّر في الْجَمْع بَيْن الآيَات: الأحَادِيث النَّبَوِيَّة، إذْ هي الْمَصْدَر الثَّاني مِنْ مَصَادِر التَّفْسِير بَعد تَفْسِير القُرْآن بِالقُرْآن، و "لأنَّ قَولَه عليه السلام مُقَدَّم على أقْوَال النَّاس" (١).

وقد اعْتَنَى القرطبي بهذا الْجَانِب فَأوْرَد "مَا يَزِيد عَلى (٦٥٠٠) رِوَاية، وهَذا العَدَد غَيْر يَسِر، مِمَّا يَدُلّ عَلى اهْتِمَامِه بِالْحَدِيث الشَّرِيف، وقَد تَكَلَّم في بَعض الأحْيان عَلى بَعض الأحَادِيث بالضَّعْف، تارَة مِنْ قِبَل نَفْسِه، وتَارَة نَقْلًا عَنْ غَيْره" (٢).

وقد عَقَد القرطبي في مُقَدِّمَة تَفْسِيره بَابًا بِعُنْوان: تَبْيِين الكِتَاب بالسُّنَّة ومَا جَاء في ذَلك (٣).

و "سُنَّة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم هي الْمَرْتَبَة الثَّانِيَة بَعْد القُرآن الكريم مِنْ حَيث السَّنَد والْمَتْن" (٤).


(١) التسهيل لعلوم التنزيل، مرجع سابق (١/ ٧).
(٢) من مقدمة عبد الرزاق المهدي في تقديمه لتحقيق الجامع لأحكام القرآن (ص ٧) بتصرف يسير.
(٣) مقدمة الجامع لأحكام القرآن (ص ٧٢).
(٤) اختلاف المفسرين - أسبابه وآثاره -، سعود الفنيسان (ص ٢٦).

<<  <   >  >>