للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد وَصَلَتْ مَدْرسَة الأشَاعِرَة في العَقِيدَة إلى بِلاد الأنْدَلُس قَبْلَ مَجيء القرطبي، فَنَرَى تأوِيلات الأشَاعِرَة وتَقْرِير عَقِيدَتهم وَاضِحًا في تَفسِير ابن عَطية.

وقد تَأثَّر القُرْطبي بِابْن عَطية كَثِيرًا، خَاصَّة في بَعْض مَبَاحِث العَقِيدَة، وإن كان القرطبي ليس مُقَلِّدًا لابن عَطية.

وفيما يلي مِنْ مَبَاحِث نَسْتَبِين منها أثَر عَقِيدَة القرطبي في دَفْع تَوَهُّم التَّعَارُض:

المثال الأول:

تَوْحِيد الْخَالِق:

قَوله تَعالى: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ) [البقرة: ١٦٣]، وقوله تعالى: (وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ) [المائدة: ٧٣]، ونَحوها مِنْ الآيَات، مَع قوله تعالى: (وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ) [الأنعام: ٣]، وقَوله تَعالى: (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ) [الزخرف: ٨٤].

[صورة التعارض]

قَوله تَعالى: (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ) هذا العَطْف مع التَّنْكِير في هَذه الآيَة يَتَوَهَّم الْجَاهِل مِنه تَعَدُّد الآلِهَة، مع أنَّ الآيَات القُرْآنِيَّة مُصَرِّحَة بِأنه وَاحِد، كَقَولِه: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) [محمد: ١٩]، وقَولِه: (وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ) [المائدة: ٧٣] الآية (١).

[جمع القرطبي]

قال القرطبي في آيَة "البقرة":


(١) دفْع إيهام الاضطراب، مرجع سابق ص (١٧٧).

<<  <   >  >>