للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المثال الثاني:

السُّؤال بَيْن النَّفْي والإثْبَات في عَرصَات القِيَامَة:

قَوله تَعالى: (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) [الأعراف: ٦]، وقَوله تَعالى: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الحجر: ٩٢، ٩٣]، وقَوله تَعالى: (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ) [الصافات: ٢٤]، مَع قَوله تَعالى: (وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) [القصص: ٧٨] وقَوله تَعالى: (فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ) [الرحمن: ٣٩].

[صورة التعارض]

في الآيَات الأُوَل إثْبَات السُّؤَال يَوْمَ القِيَامَة، وفي الآيَات الأخِيرَة نَفْي السُّؤَال.

[جمع القرطبي]

قال القرطبي في آيَة "الأعراف": قَوله تَعالى: (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ) دَلِيل على أنَّ الكُفَّار يُحَاسَبُون، وفي التنْزِيل: (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ) [الغاشية: ٢٦]، وفي سورة القصص: (وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) [٧٨] (١)، يعني: إذا اسْتَقَرُّوا في العذاب، والآخرة مَواطِن؛ مَوطِن يُسْألون فيه للحساب، ومَوطِن لا يُسألون فيه، وسؤالهم سؤال تقرير وتوبيخ وإفْضَاح، وسُؤال الرُّسُل سؤال استشهاد بهم وإفْصَاح، أي: عن جَواب القوم لهم، وهو معنى قوله: (لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ) [الأحزاب: ٨] على ما يأتي.

وقيل: المعنى: فَلَنَسْألنّ الذين أُرْسِلَ إليهم، أي: الأنبياء، ولَنَسْألنّ الْمُرْسَلِين، أي: الْمَلائكَة الذِين أُرسِلُوا إلَيهم (٢).


(١) وقع في طبعة دار الكتاب العربي (يُسأل عن ذنوبهم المجرمون)، وهو خطأ واضح، وقَلْبٌ للمَعْنَى.
(٢) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٧/ ١٤٧).

<<  <   >  >>