للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - آيَة "النحل" فِيما يَتَعَلَّق بِالنَّسْخ، والنَّسْخ في الأحْكَام خاصَّة، وهو مُقَيَّد بِزمَن نُزُول الوَحْي (١).

[مقارنة جوابه وجمعه بين الآيات بجمع غيره من العلماء]

فَسَّر ابن جرير "تَبْدِيل كَلِمَات الله" بِالتَّغْيِير حيث قَال: ولا مُغَيِّر لِكَلِمَات الله.

ثم زَاد ذَلك بَيَانًا بِقَولِه: وكَلِمَاته تَعالى مَا أَنْزَل الله إلى نَبِيِّه محمد صلى الله عليه وسلم مِنْ وَعْدِه إياه النَّصْر على مَنْ خَالَفَه وضَادَّه، والظَّفَر على مَنْ تَولَّى عنه وأدْبَر (٢).

ورَجَّح ابن جرير أنَّ الْمُرَاد بِكَلِمَة رَبِّك هو القُرْآن.

ثم عَلّل تَسْمِيَته كَذلك بِقَوله: سَمَّاه كَلِمة، كَمَا تَقُول العَرَب للقَصِيدَة مِنْ الشِّعر يَقُولُها الشَّاعر: هَذه كَلِمَة فُلان.

وقَال في قَوله تَعالى: (لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ) يَقُول: لا مُغَيِّر لِمَا أخْبر في كُتُبه أنه كَائن مِنْ وُقُوعِه في حِينِه وأجَلِه الذي أخْبَر الله أنه وَاقِع فيه.

وذَلك نَظِير قَوله جَلَّ ثَنَاؤه: (يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ) [الفتح: ١٥]، فَكَانَت إرَادَتهم تَبْدِيل كَلام الله مَسْألَتهم نَبِيّ الله أن يَتْرُكَهم يَحْضُرُون الْحَرْب مَعه، وقَوْلهم له ولِمَن مَعه مِنْ الْمُؤمِنين: (ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ) [الفتح: ١٥] بَعْد الْخَبَر الذي كان الله أخْبَرَهم تَعالى ذِكْرُه في كِتَابه بِقَولِه: (فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا) [التوبة: ٨٣] الآية، فَحَاوَلُوا تَبْدِيل كَلام الله وخَبَره بِأنَّهم لن يَخْرُجُوا مَع نَبِيّ الله في غَزَاة، ولن يُقَاتِلُوا مَعَه عَدُوًا بِقَوْلِهم لهم


(١) وهذا المعنى يُؤكّده القرطبي كثيرًا في غير موضع من تفسيره.
(٢) جامع البيان، مرجع سابق (٩/ ٢٢٤).

<<  <   >  >>