للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"فَمَنْ لَم يُحْكِم ظَاهِر التَّفْسِير وبَادَر إلى اسْتِنْبَاط الْمَعَاني بِمُجَرَّد فَهْم العَرَبية كَثُر غَلَطُه، ودَخَل في زُمرَة مَنْ فَسَّر القُرآن بالرَّأي، والنَّقْل والسَّمَاع لا بُدّ لَه مِنه في ظَاهِر التَّفْسِير أوَّلًا لِيَتّقي به مَواضِع الغَلَط، ثم بعد ذلك يَتَّسِع الفَهْم والاسْتِنْبَاط" (١).

وعلى هذا يُحْمَل مَا جَاء عن السَّلَف مِنْ كَرَاهة تَفْسِير القُرْآن بِمُقْتَضَى اللغَة (٢).

ويَرى القُرطبي أنَّ "بَلاغَة القُرآن في أعْلَى طَبَقَات الإحْسَان، وأرْفَع دَرَجَات الإيجَاز والبَيَان، بل تَجَاوَزَت حَدّ الإحْسَان والإجَادَة إلى حَيِّز الإرْباء والزِّيَادَة (٣).

وبِهَذه البَلاغَة والفَصَاحَة قامَتِ الْحُجَّة على العَرَب، إذْ كَانُوا أرْبَاب الفَصَاحَة، ومَظِنَّة الْمُعَارَضَة … فإنَّ الله سُبحانه إنما جَعَل مُعْجِزَات الأنْبياء عليهم السلام بالوَجْه الشَّهِير أبْرَع مَا يَكُون في زَمَان النَّبي الذي أرَاد إظْهَارَه … والفَصَاحَة في زَمَن محمد صلى الله عليه وسلم" (٤).

وقد اعْتَنى القرطبي بِمَبَاحِث اللغَة، واسْتَعَان بِها على دَرْء تَوَهُّم التَّعَارُض، ومِن ذلك:

المثال الأول:

العِزّة لله وحده:

قَوله تعالى: (فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا) [النساء: ١٣٩] وقَوله تعالى: (إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا) [يونس: ٦٥] وقَوله تعالى: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا) [فاطر: ١٠]، مع قَوله تعالى: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) [المنافقون: ٨].


(١) مقدمة الجامع لأحكام القرآن (١/ ٦٨).
(٢) يُنظر لذلك: البرهان في علوم القرآن، مرجع سابق (٢/ ١٦٠).
(٣) مقدمة الجامع لأحكام القرآن (١/ ١١٢).
(٤) المرجع السابق (١/ ١١٣).

<<  <   >  >>