[المطلب الثاني: الجمع بين الآيات والاكتفاء بالإشارة إلى معنى الآية المقابلة]
في مُقابِل الْمَطْلب الأوَّل - وهو إيرَاد الآيَة ومَا يُقَابِلُها بِالنَّصّ عَليها - هُناك طَرِيقَة أُخْرَى، وهي الاكْتِفَاء بالإشَارَة إلى مَعْنَى الآيَة الْمُقَابِلَة.
وسَأكْتَفِي أيضًا بِأنْمُوذَجَين، وسَأقْتَصِر في الْمُقَارَنَة على مِثَالَين، اكْتِفَاء بِمَا سَبق.
فالمثال الأول:
الأَمْر بِالفِسْق:
قَوله تَعالى: (وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ) [الأعراف: ٢٨]، مَع قَوله تَعالى: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) [الإسراء: ١٦].
[صورة التعارض]
يُفهَم مِنْ ظَاهِر آيَة "الإسراء" أنَّ الله يأْمر مُتْرَفِي القُرَى - الْمُرَاد إهْلاكُها - بالفِسْق، بَيْنَما في آيَة "الأعراف" نَفْي الأمْر بالفَحْشَاء، ويَدْخُل فِيه الفِسْق.
[جمع القرطبي]
قال القرطبي في آيَة "الأعراف" مَا نَصّه: الفَاحِشَة هُنا - في قَوْل أكْثَر الْمُفَسِّرِين - طَوَافُهم بِالبَيْتِ عُرَاة.
وقال الْحَسَن: هي الشِّرْك والكُفْر. واحْتَجُّوا على ذلك بِتَقْلِيدِهم أسْلافَهم، وبِأنَّ الله أمَرَهم بِهَا.
وقال الْحَسَن: (وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا) قَالُوا: لَو كَرِه الله مَا نَحْن عَليه لَنَقَلَنَا عَنه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute