للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الرابع: منهجه في إيراد الآية وما يُتوهّم تعارضه معها:

مِنْ الطُّرُق التي سَلَكَها الأئمَّة في الْجَمْع بَيْن الآيَات الْمُتَوهَّم تَعَارُضها - إيرَاد الآيَة ومَا يُقَابِلُها، وذلك بِالنَّصّ على الآيَة أوْ الآيَات الْمُقَابِلة لَها.

وكَذلك سَلَك القرطبي؛ فإنَّه قد يُورِد الآيَة ومَا يُقَابِلُها، ويَنُصّ على مَا يُتَوَهَّم تَعَارُضَه مَعها، وقد يَسْلُك مَسْلَكًا آخَر، وهو الاكْتِفَاء بِالإشَارَة إلى مَعْنَى الآيَة الْمُتَوهَّم وُقوع التَّعَارُض مَعها.

وفي هذا الْمَبْحَث مَطْلَبَان، وفي كُلّ مَطْلَب سَوْف أقْتَصِر على إيرَاد مِثَالَيْن، اكْتِفَاء بِمَا سَبَق، إذْ أنَّ الْمَوَاضِع السَّابِقَة لَم تَخرُج عن هاتَين الطَّرِيقَتَيْن.

فـ:

المطلب الأول: الجمع بين الآيات بإيراد الآية وما يُعارضها في الظاهر

وهذا الْمَسْلَك أَوْلى بِالْمُفَسِّر؛ لأنَّ الأشْيَاء تَتَبَيَّن بِبَيَانِ أضْدَادها ومَا يُقَابِلُها.

وقَدِيمًا قِيل: وبِضِدِّهَا تَتَبَيَّن الأشْيَاء.

فإذا أشكَلَتْ آية على قَارئ أو سَامِع، فإنَّ الْمُفَسِّر يُورِد الإشْكَال ويُجِيب عَنه، ورُبَّمَا تَبَادَر الإشْكَال إلى ذِهْن الْمُفَسِّر فأوْرَده على صِيغَة سُؤال أوْ افْتِراض.

والأكْثَر عِند القرطبي أن يُورِد مَا اسْتَشْكَله - هُو أوْ غيره - ويَذْكُر الْمَوْضِعَيْن - أوْ الْمَوَاضِع - التي تَرِد على الذِّهْن، ويُتَصَوَّر تَعَارُضها.

وربما تَرَك بَعض ذلك اخْتِصَارًا، واكْتِفَاء بِوُضُوح الْمَعْنَى الْمُرَاد.

<<  <   >  >>