للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هَذا الْمَبْحَث سَوف أُقارِن بَيْن طَرِيقَة القرطبي في ذلك، وبَيْن مَنْهَج ابن جرير، لأنه يُرَجِّح ويَخْتَار، وبَيْن طَرِيقَة ابن الجوزي في "زاد المسير"؛ إذْ بِهَذِه الْمُقَارَنة تَتَبَيَّن طَرِيقَة القرطبي.

المثال الأول:

إرَادَة ثَوَاب الدُّنيا:

قَوله تَعالى: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ) [هود: ١٥]، وقَوله تَعالى: (وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا) [آل عمران: ١٤٥]، وقَوله تَعالى: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا) [الشورى: ٢٠]، مَع قَوله تَعالى: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ) [الإسراء: ١٨].

[صورة التعارض]

في آيَة "هُود" جَاء "التَّصْرِيح بِأنَّ الكَافِر يُجَازَى بِحَسَناتِه؛ كالصَّدَقَة وصِلَة الرَّحِم وقِرَى الضَّيف والتَّنْفِيس عن الْمَكْرُوب في الدُّنيا دُون الآخِرَة؛ لأنَّه تَعالى قَال: (نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا) يَعْنِي: الْحَيَاة الدُّنيا (١) … مَع أنه جَاءَت آيَات أُخَر تَدُلُّ على بُطْلان عَمَلِ الكَافِر واضْمِحْلالِه مِنْ أصْلِه، وفي بَعْضِها التَّصْرِيح بِبُطْلانه في الدُّنيا مَع الآخِرَة في كُفْر الرِّدَّة وفي غَيْرها" (٢).


(١) أي: عَوْد الضمير في (فِيهَا).
(٢) دفع إيهام الاضطراب، مرجع سابق (ص ١٠٥) باختصار.

<<  <   >  >>