للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد بيّن القرطبي أثَر الْمُنَاسَبَة مِنْ خِلال جَمْعِه بَين الآيَات التي ظَاهِرُها التَّعَارُض، فمن ذلك:

المثال الأول:

خَلْق السَّمَاوات والأرْض؛ أيُّهُما أوَّلًا؟

قَوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ) [البقرة: ٢٩] وقوله تعالى: (قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٩) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (١٠) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (١١) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ) [فصلت: ٩ - ١٢]، مَع قَوله تعالى: (أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (٢٧) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (٢٨) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (٢٩) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) [النازعات: ٢٧ - ٣٠].

[صورة التعارض]

آية "البقرة" "تَدُلّ على أنَّ خَلْق الأرْض قَبل خَلْق السَّمَاء، بِدَلِيل لَفْظَة (ثُمَّ) التي هي للتَّرتِيب والانْفِصَال، وكذلك آية "حم السجدة" (١) تَدُلّ أيضًا عَلى خَلْق الأرْض قَبْل خَلْق السَّمَاء … مع أنّ آية "النازعات" تَدُلّ على أنَّ دَحْو الأرْض بَعْد خَلْقِ السَّمَاء" (٢).


(١) يعني سورة "فُصِّلَتْ".
(٢) دفع إيهام الاضطراب، مرجع سابق (ص ١١).

<<  <   >  >>