للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن مِثْله حَسَن الْحَدِيث، فَضْلًا عن أحْسَنه، فإنَّ القُرآن نَزَل في نَيِّف وعِشْرِين سَنَة، في أحْكَام مُختلِفَة، ومَا كان كَذلك لا يَتَأتّى رَبْط بَعْضِه بِبَعْض" (١).

وقال الشيخ وليّ الدين الملوي: قَدْ وَهِم مَنْ قَال: لا يُطلَب للآية الكَرِيمة مُناسَبَة؛ لأنها على حَسَب الوَقَائع الْمُتَفَرِّقَة، وفَصْل الْخِطَاب أنها على حَسَب الوَقَائع تَنْزِيلًا، وعلى حَسَب الْحِكْمَة تَرْتِيبًا وتَأصِيلًا (٢).

وتقدَّم في الْمَبْحَث السَّابِق أنَّ مِنْ أسْبَاب التَّقْدِيم والتَّأخِر: الْمُنَاسَبَة؛ وهي إمَّا مُنَاسَبة الْمُتَقَدِّم لِسِيَاق الكَلام، وإمَّا مُنَاسَبة لَفْظ هُو مِنْ التَّقَدُّم أوْ التَّأخُّر (٣).

والذي يَظْهَر أنه يُقْصَد بـ (الْمُنَاسَبَة) أمْرَان:

الأول: مُناسَبة الآي والسُّوَر، وهو ما يُعَبَّر عنه - أحيانًا - بـ (التَّنَاسُب) (٤).

الثاني: مُناسَبة ذلك اللَّفْظ، أوْ تِلك العِبَارة لِذَلك الْمَوْضِع دُون غيره (٥)، وهو مَا يَعْنِي البَاحِث في هَذا الْمَبْحَث.

وقد يُتوَهَّم التَّعَارُض بِسَبَب اخْتِلاف الْمُنَاسَبة، وقد أشْكَلَتْ مَواضِع منها على بَعْض التَّابِعين - كما سَيأتي في هَذا الْمَبْحَث -.


(١) البرهان في علوم القرآن، مرجع سابق (١/ ٣٧)، "مُعتَرك الأقران"، مرجع سابق (١/ ٥٧)، و"الإتقان"، مرجع سابق (٣/ ٣٢٣).
(٢) مُعتَرك الأقران، مرجع سابق (١/ ٥٥، ٥٦)، و"الإتقان" (٣/ ٣٢٢، ٣٢٣)، ويُنظَر: "البرهان"، مرجع سابق (١/ ٣٧).
(٣) مُعتَرك الأقران، مرجع سابق (١/ ١٧٤ - ١٨٠).
(٤) وفيه أُلّف البقاعي كتابه "نَظم الدُّرَر في تناسُب الآيات والسُّوَر"، والسيوطي "أسْرَار القرآن".
(٥) وفيه مؤلّفات، منها: "درّة التَّنْزِيل وغرّة التأويل"، الخطيب الإسكافي، و"البرهان في مُتَشَابه القرآن"، الكِرماني، و "كَشْف الْمَعَاني في الْمُتَشَابِه والْمَثَاني"، ابن جماعة، و"التعبير القرآني"، فاضِل السَّامُرائي.

<<  <   >  >>