للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: الاحتكام إلى اللغة العربية وقواعدها لدفع التعارض المتوهم.]

لَمَّا كَان القُرْآن الكَرِيم نَزَل بِلُغَة العَرَب، (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) [الشعراء: ١٩٣ - ١٩٥]، كَان مِنْ شُرُوط الْمُفَسِّر أن يَكُون على دِرَاية باللغَة العَرَبية (١).

روى عبد الرزاق في تفسيره عن الثوري عن ابن عباس قولَه: تَفْسِير القُرآن على أرْبَعَة وُجُوه:

تَفْسِيرٌ تَعْلَمه العُلَمَاء، وتَفْسِيرٌ تَعْرِفُه العَرَب، وتَفْسِيرٌ لا يُعْذَر أحَد بِجَهَالَته - يَقول: مِنْ الْحَلال والْحَرَام - وتَفْسِيرٌ لا يَعْلَم تَأويلَه إلَّا الله، مَنْ ادّعَى عِلْمه فهو كَاذِب (٢).

قال الزركشي: "وهذا تَقْسِيم صَحِيح. فأمَّا الذي تَعْرِفُه العَرَب فهو الذي يُرْجَع فيه إلى لِسَانِهم، وذلك شَأن اللغَة والإعْرَاب.

فأمَّا اللغَة فَعَلَى الْمُفَسِّر مَعْرِفَة مَعَانِيها ومُسَمَّيَات أسْمَائها" (٣).

ولَمَّا كَانت لُغَة العَرَب مِنْ مَصَادِر تَفْسِير القُرآن قال مالك بن أنس: لا أُوتي بِرَجُلٍ غير عالم بِلُغَاتِ العَرَب يُفَسِّر ذلك (٤) إلَّا جَعَلْتُه نَكَالًا (٥).

إلَّا أنَّ القَول بِتَفْسِير القُرآن بِلُغة العَرَب لا بُدَّ له مِنْ قَيد، وهو أنْ يَجْرِي على أصُول الْمُفَسِّرِين، وأن لا يَكون نَتِيجَة مُسَارَعَة في تَفْسِير القُرآن بِظَاهِر العَرَبِيَّة.


(١) يُنظر لذلك: البرهان في علوم القرآن، (٢/ ١٦٠ - ١٧٢) ونقل عنه السيوطي في الإتقان في علوم القرآن، مرجع سابق (٤/ ١٨٢ وما بعدها).
(٢) تفسيره (١/ ٦).
(٣) البرهان في علوم القرآن، مرجع سابق (٢/ ١٦٥).
(٤) هكذا في شُعب الإيمان، وفي البرهان في علوم القرآن (٢/ ١٦٠): يُفسِّر كتاب الله ..
(٥) رواه البيهقي في شُعب الإيمان (ح ٢٢٨٧)، وانظر: سير أعلام النبلاء، مرجع سابق (٨/ ٩٧).

<<  <   >  >>