للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُقارنة جوابه وجمعه بين الآيات بجمع غيره من العلماء:

قال ابن جرير: اخْتَلَفَ أهْل التَّأويل في تَأويل ذلك؛ فقال بعضهم: تَأويل ذلك: ولَقَد خَلَقْنَاكُم في ظَهْر آدَم أيها النَّاس، ثم صَوَّرْنَاكُم في أرْحَام النِّسَاء خَلْقًا مَخْلُوقًا، ومِثَالًا مُمَثَّلًا في صُورَة آدَم.

ثم رَوى - بإسْنَادِه - عن ابن عباس في قَولِه: (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ) قَولَه: (خَلَقْنَاكُمْ) يَعني آدَم، وأمَّا (صَوَّرْنَاكُمْ) فَذُرِّيَّتَه.

ورَوى - بإسْنَادِه - عن الرَّبيع بن أنس في قَوله: (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ) يَقول: (خَلَقْنَاكُمْ) خَلْق آدَم، (ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ) في بُطُون أمَّهَاتِكُم.

وقال آخَرُون: بل مَعْنَى ذلك: ولَقَد خَلَقْنَاكُم في أصْلاب آبائكُم، ثم صَوَّرْناكُم في بُطُونِ أمَّهَاتِكُم.

وقال آخَرُون: بل مَعْنَى ذلك: (خَلَقْنَاكُمْ)، يَعْني، آدَم. (ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ)، يَعْني في ظَهْرِه.

وقال آخَرُون: مَعْنى ذلك: ولَقَد خَلَقْناكُم في بُطُون أمَّهَاتِكُم، ثُمّ صَوَّرْناكُم فِيها ثم ذَكَر ابن جرير اخْتِيَارَه فَقَال:

وأوْلَى الأقْوَال بالصَّواب قَول مَنْ قَال: تَأوِيله: (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ) ولَقَد خَلَقْنا آدَم، (ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ) بِتَصْوِيرِنا آدَم، فَقَوله: (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ) مَعْنَاه: ولَقَد خَلَقْنا أبَاكُم آدَم ثُمَّ صَوَّرْناه.

ثم عَلَّل اخْتِيَارَه بِقَولِه:

وإنما قُلنا هَذا القَول أوْلى الأقْوال في ذلك بالصَّواب لأنَّ الذي يَتْلُو ذلك قَوله: (ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ) [الأعراف: ١١]، ومَعْلُوم أنَّ الله تَبارَك وتَعالى قَدْ أمَرَ الْمَلائكَة بالسُّجُود لآدَم قَبْل أنْ يُصَوِّر ذُرِّيَتَه في بُطُون أُمَّهَاتِهم، بَلْ قَبْل أنْ يَخْلُق أُمَّهَاتِهم، و (ثُمَّ)

<<  <   >  >>