للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الرابع: اختلاف المناسبة]

"الْمُنَاسَبَة في اللُّغَة: الْمُشَاكَلَة والْمُقَارَبَة، ومَرْجِعُها في الآيات ونَحْوها إلى مَعْنَى رابِط بَيْنَهما عَامّ أوْ خَاصّ، عَقليّ، أوْ حِسِّيّ، أوْ خَيَالِيّ، أوْ غَير ذلك مِنْ أنْوَاع عِلاقَات التَّلازُم الذِّهْني، كالسَّبَب والْمُسَبَّب، والْعِلّة والمعلُول، والنَّظِيرين والضِّدّين ونحوه" (١).

"وفَائدَته: جَعْل أجْزَاء الكَلام بَعْضها آخِذًا بأعْنَاق بَعْض، فَيَقْوَى بذلك الارْتِبَاط ويَصِير التَّألِيف حَاله حَال البِنَاء الْمُحْكَم الْمُتَلائم الأجْزَاء" (٢)، فَنَقُول: ذِكْر الآيَة بَعْد الأخْرَى إمَّا أن يَكُون ظَاهِر الارْتِبَاط لِتَعَلّق الكَلِم بَعْضه بِبَعْض وعَدَم تَمَامه بِالأُولى؛ فَوَاضِح، وكَذلك إذا كَانت الثَّانية للأولى عَلى وَجْه التَّأكِيد، أوْ التَّفْسِير، أوْ الاعْتِراض، أوْ البَدَل، وهَذا القِسْم لا كَلام فِيه" (٣).

"وعِلْم الْمُنَاسَبَة عِلْم شَرِيف قَلّ اعْتِنَاء الْمُفَسِّرِين بِه لِدِقَّتِه، ومِمَّن أكْثر مِنْه الإمَام فَخْر الدِّين، وقال في تَفْسِيره: أكْثر لَطَائف القُرآن مُودَعَة في التَّرْتِيبَات والرَّوَابط" (٤).

"وقَال الشَّيخ عِزّ الدِّين بن عبد السلام: الْمُنَاسَبة عِلْم حَسَن، لَكِن يُشتَرَط في حُسْن ارْتِبَاط الكَلام أن يَقَع في أمْر مُتَّحِد أوّله بآخِره، فإن وَقَع على أسْبَاب مُخْتَلِفَة لَم يَقَع فيه ارْتِبَاط، ومَن رَبَط ذَلك فَهو مُتَكَلِّف بِمَا لا يَقْدِر عليه إلَّا بِربْطٍ رَكيك، يُصَان


(١) مُعتَرك الأقران، مرجع سابق (١/ ٥٧)، و"الإتقان"، مرجع سابق (٣/ ٣٢٣، ٣٢٤)، وأصْل هذا القول للزركشي في "البرهان" (١/ ٣٦).
(٢) البرهان في علوم القرآن، مرجع سابق (١/ ٣٧) مُعتَرك الأقران، مرجع سابق (١/ ٥٧)، والإتقان، مرجع سابق (٣/ ٣٢٣).
(٣) مُعتَرك الأقران، مرجع سابق (١/ ٥٧)، و"الإتقان"، مرجع سابق (٣/ ٣٢٣).
(٤) مُعتَرك الأقران مرجع سابق (١/ ٥٥)، و"الإتقان" (٣/ ٣٢٢)، وأصْل هذا القَول للزركشي في "البرهان" (١/ ٣٦)، والمقصود بـ "فخر الدين" هو الرازي ولم أقِف على هذا القَول في تَفْسيره.

<<  <   >  >>