للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على أنَّ الأرْض خُلِقَتْ قَبْل السَّمَاء. وقال في آية أخرى: (أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا) ثُمّ قَال: (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا)، وهَذا يَدُلّ على خَلْق السَّمَاء أوَّلًا. وقال قَوم: خُلِقَتِ الأرْض قَبْل السَّمَاء. فأمَّا قَوله: (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا)، فالدَّحْو غير الْخَلْق، فاللهُ خَلَق الأرْض، ثُمّ خَلَق السَّمَاوَات، ثم دَحَا الأرْض، أي مَدَّها وبَسَطَها. قاله ابن عباس (١).

وقال في تفسير "النَّازِعَات": وَذَكَر بَعض أهْل العِلْم أنَّ بَعْد في مَوضِع (مَعَ)، كَأنّه قال: والأرْضَ مَع ذلك دَحَاهَا، كَمَا قَال تَعالى: (عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ) [القلم: ١٣] .... وقِيل: (بَعْد) بِمَعْنى (قَبْل)، كَقَوله تَعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ) [الأنبياء: ١٠٥] أي: مِنْ قَبْل الفُرْقَان.

وقيل: (دَحَاهَا) حَرَثها وشَقّها. قاله ابن زيد.

وقيل: (دَحَاهَا) مَهّدَها للأقْوَات. والْمَعْنى مُتَقَارِب (٢).

مُلخَّص جواب القرطبي:

١ - خَلَق اللهُ الأَرض في يَومَين، ثم اسْتَوى إلى السَّمَاء فَسَوَّاهُنّ سَبْع سَمَاوَات في يَومَين، ثُمّ دَحَا الأرْض في يَومَين؛ فَهذِه سِتَّة أيام.

٢ - قوله تعالى: (خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) ثُمّ قَال: (فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ)، أي: في تَتِمَّة أرْبَعَة أيام.

٣ - أنَّ الدَّحْو غَير الْخَلْق، فالله خَلَق الأرْض، ثم خَلَق السَّمَاوَات، ثم دَحَا الأرْض.

٤ - أنَّ بَعْد بِمَعْنى مَع، أي: مَع ذلك دَحَاهَا.

٥ - نَقَل قَولًا لم يُعوِّل عليه، وهو أنَّ السَّمَاء خُلِقَتِ قَبْل الأرْض.


(١) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (١٥/ ٣٤٦).
(٢) المرجع السابق (١٩/ ١٧٩) بتصرف يسير.

<<  <   >  >>