للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم ذَكَرَ سَبب النّزول عازيًا إيَّاه إلى بَعض الْمُفَسِّرِين.

واخْتَار القاسمي أنَّ جُمْلَة (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) مُؤكِّدَة للأوْلى، ومَعْنَاها عِنْده - كَمَا عند أبي السعود -: أي: لا دِين مَرْضِيًّا لله سِوى الإسْلام، الذي هو التَّوحِيد، والتَّدَرُّع بالشَّرِيعَة الشَّرِيفَة.

قال: وفي الآيَة الأُخْرى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا) (١).

وقال في تَفْسِيرها: (وَمَنْ يَبْتَغِ) أي: يَطْلُب (غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا) أي: غَير التَّوحِيد والانْقِياد لِحُكْم الله تَعالى، كَدَأب الْمُشْرِكِين صَرِيحًا (٢)، والْمُدَّعِين للتَّوحِيد مَع إشْرَاكِهم، كأهْل الكِتَابَيْن (فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ)؛ لأنه لم يَنْقَد لأمْرِ الله (٣).

[رأي الباحث]

لا تَعَارُض بَيْن الآيَتَين، فالإسْلام يُطلَق على مَعْنَيَيْن:

أحَدهما: مَعْنَاه العَامّ، ويُطلَق على الدِّين الْمُتَقَبَّل عِند الله، وهو الذي بَعَث الله بِه رُسُلَه، "وقَد دَلّ قَوله: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) على أنه دِين جَمِيع أنْبِيَائه ورُسُلِه وأتْبَاعِهم مِنْ أوَّلِهم إلى آخِرِهم، وأنّه لم يَكُنْ لله قَطّ ولا يَكُون له دِين سِواه" (٤).


(١) محاسن التأويل، مرجع سابق (٤/ ٣٤٢).
(٢) أي الذي شرْكهم واضح جلي. والنوع الثاني الذي يدعون أنهم على التوحيد، كما أخبر الله تعالى عنهم بقوله: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) [الزمر: ٣].
(٣) المرجع السابق (٤/ ٣٩٢).
(٤) مدارج السالكين، ابن القيم (٣/ ٤٧٦).

<<  <   >  >>