للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقَال في قَوله تَعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ): بَيَّن في هَذه الآيَة أنَّ الدِّين لَيس إلَّا الإسْلام، وأنَّ كُل دِين سِوى الإسْلام غَير مَقْبُول عِنْد الله؛ لأنَّ القَبُول للعَمَل هو أن يَرْضَى الله ذلك العَمَل، ويَرْضَى عَنْ فَاعِلِه، ويُثِيبه عَليه (١).

وفي قوله تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) قال ابنُ كَثير: إخْبَارٌ مِنه تَعالى بأنّه لا دِين عِنده يَقْبَله مِنْ أحَدٍ سِوى الإسْلام، وهو اتِّبَاع الرُّسُل فِيمَا بَعَثَهم الله بِه في كُلّ حِين حَتى خُتِمُوا بمحمد صلى الله عليه وسلم الذي سَدّ جَمِيع الطُّرُق إليه إلَّا مِنْ جِهَة محمد صلى الله عليه وسلم، فمن لَقِيَ الله بَعْد بِعْثَة محمد صلى الله عليه وسلم بِدِين على غَير شَرِيعَتِه فَلَيس بِمُتَقَبَّل، كَمَا قَال تَعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) الآية. وقَال في هَذه الآية مُخْبِرًا بانْحِصَار الدِّين الْمُتَقَبّل مِنه عِنده في الإسْلام: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) (٢).

وفي تَفْسِير قَوله تَعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) قال: يَقول تعالى مُنْكِرًا على مَنْ أرَاد دِينًا سِوى دِين الله الذي أنْزَل به كُتُبه، وأرْسَل به رُسُله؛ وهو عِبادَة الله وحْده لا شَريك له، الذي له أسْلَم مَنْ في السَّمَاوات والأرْض، أي: اسْتَسْلَم له مَنْ فِيهمَا طَوْعا وكَرْها … فالْمُؤمِن مُسْتَسْلِم بِقَلْبِه وقَالَبِه لله، والكَافِر مُسْتَسْلِم لله كَرْها، فإنه تَحْت التَّسْخِير والقَهْر والسُّلْطَان العَظِيم الذي لا يُخَالَف ولا يُمَانَع (٣).

وقال الثعالبي: ثم حَكَمَ تعالى في قَوله: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا) الآية. بأنّه لا يَقْبَل مِنْ آدَمي دِينا غَير دِين الإسْلام، وهو الذي وَافَق في مُعْتَقَدَاته دِين كُلّ مَنْ سَمَّى مَنْ الأنْبِيَاء عَليهم السلام، وهو الْحَنِيفِيَّة السَّمْحَة (٤).


(١) التفسير الكبير، مرجع سابق (٨/ ١١٠).
(٢) تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق (٣/ ٣٦).
(٣) المرجع السابق (٣/ ١٠٢).
(٤) الجواهر الحسان، مرجع سابق (١/ ٢٨٦).

<<  <   >  >>