للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي تَفْسِير قَوله تَعالى: (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) [المائدة: ٣] قال: والإسْلام في هذه الآيَة هو الذي في قَوله تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ)، هو الذي تَفَسَّر في سُؤال جِبريل النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وهو الإيمان والأعْمال والشُّعَب (١).

وقال في تَفْسِير سُورة الحجرات: والإسْلام يُقال بِمَعْنَيين:

أحَدُهما: الدِّين يَعُمّ الإيمان والأعْمَال، وهو الذي في قوله: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) والْمَعْنى الثَّاني لِلَفْظ الإسْلام: هو الاسْتِسْلام والإظْهَار الذي يُسْتَعْصَم به ويَحْقِن الدَّم، وهذا هو الإسْلام في قَوله: (وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا) [الحجرات: ١٤] (٢).

ثم ذَكَر ابن عطية سَبَب النُّزُول، وأشَار إلى النَّسْخ (٣).

وقد نَفَى الرازي التَّغَاير بَين الإيمان والإسْلام، فَقال: فالإسْلام مَعْنَاه إخْلاص الدِّين والعَقِيدة لله تعالى، هَذا ما يَتَعَلق بِتَفْسِير لَفْظ الإسْلام في أصْل اللغة، أمَّا في عُرْف الشَّرع فالإسْلام هو الإيمان، والدليل عليه وجهان:

الأول: هَذه الآية، فإنَّ قَوله: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) يَقْتَضِي أن يَكُون الدِّين الْمَقْبُول عند الله ليس إلَّا الإسْلام، فلو كان الإيمان غير الإسلام وَجَبَ ألا يَكُون الإيمان دِينًا مَقْبُولًا عند الله، ولا شَك في أنه بَاطِل.

الثاني: قَوله تعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) فَلو كان الإيمان غَير الإسْلام لَوَجَبَ ألا يَكُون الإيمان دينا مَقْبُولًا عند الله تعالى (٤).


(١) المرجع السابق (٢/ ١٥٥).
(٢) المُحرِّر الوجيز، مرجع سابق (٥/ ١٥٣).
(٣) المرجع السابق (١/ ٤٦٧).
(٤) التفسير الكبير، مرجع سابق (٧/ ١٨١)، والتفريق بين الإسلام والإيمان جاء في نصوص الوحيين، وسيأتي تعقّب هذا القول في "رأي الباحث".

<<  <   >  >>