للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[النساء: ١٢٣] قال عُلَمَاؤنا: وهَذا في حَقّ الْمُؤمِنِين، فَأمَّا الكَافِر فَعُقُوبَتُه مُؤخَّرَة إلى الآخِرَة (١).

وكَذَلك قَوله تَعالى: (وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ) [الفرقان: ١٩] قال ابن عباس: مَنْ يُشْرِك مِنْكُم ثُمّ مَاتَ عَليه (نُذِقْهُ) أي: في الآخِرَة (عَذَابًا كَبِيرًا) أي: شَدِيدًا (٢).

والله تَبَارَك وتَعالَى "لَم يَعِد بِقَوله: (نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ) تَرْك الْمُجَازَاة عَليها، وإنّما وَعَد التَّكْفير بِتَرْكِ الفَضِيحَة مِنه لأهْلِها في مَعَادِهم، كَمَا فَضَحَ أهْل الشِّرك والنِّفَاق، فأمَّا إذا جَازَاهم في الدُّنْيا عَليها بِالْمَصَائب ليُكَفِّرَها عَنهم لِيُوافُوه ولا ذَنْب لَهم يَسْتَحِقُّون الْمُجَازَاة عَليه فَإنَّمَا وَفَى لَهُمْ بِمَا وَعَدَهم" (٣)، كمَا أنّه سُبْحَانه وتَعالى إذا جَازَى عِبَادَه في الدّنْيا بِمَا يُجازِيهم بِه مِنْ مَصائِب وأحْزَان وَنَكَبَات؛ كَان ذلك نَوْع تَكْفِير، فَلَم يَتَخلَّف وَعْدُه سُبحَانه.

المثال الرابع:

مَغْفِرَة الذُّنُوب:

قَوله تَعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) [النساء: ٤٨، ١١٦]، مَع قَوله تَعالى: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (٦٨) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (٦٩) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) [الفرقان: ٦٨ - ٧٠]، وقَوله تَعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر: ٥٣].


(١) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (١٦/ ٣٠).
(٢) المرجع السابق (١٣/ ١٤).
(٣) جامع البيان، مرجع سابق (٧/ ٥١٥).

<<  <   >  >>