للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإنَّ تَنَاوُل الطَّيِّب الْحَلال مَأذُون فِيه، فإذا تَرَك الشُّكْر عليه واسْتَعَان به على مَا لا يَحِلّ له فَقَد أذْهَبه، والله أعلم (١).

[ملخص جواب القرطبي]

١ - آيَة "الأعراف" في ذَمّ الْمُشْرِكِين الذِين حَرَّمُوا مَا رَزَقَهم الله مِنْ الطَّيِّبَات.

٢ - فِيها الإشَارَة إلى تَرْك التَّوَسُّع في الْمُبَاحَات، وهو مَا فَهِمَه الصحابة رضي الله عنهم مِنْ الآيَة.

٣ - وفيها أنَّ الطَّيِّبات التي رُزِقُوها في الدُّنيا تَكُون يَوْم القِيَامَة خَالِصَة للمُؤمِنين.

٤ - آيَة "الأحقاف" فِيها ذَمّ الكُفَّار الذِين تَمَتَّعُوا بِالطَّيِّبَات في الدُّنيا ولم يُؤدُّوا شُكْرَها، واتَّبَعُوا الشَّهَوات واللذَّات الْمُحرَّمَة.

وخُلاصَة قَولِه: أنَّ مَنْ أكَل الطَّيِّبات مِنْ غَير إسْرَاف، واسْتَعْمَل الزِّينَة في حِلِّها؛ فإنه غَير مَذْمُوم، وإنَّمَا يُذَمّ مَنْ أسْرَف في الْمُبَاحَات، أو اسْتَعْمَل النِّعَم في الْمُحرَّمات.

[مقارنة جوابه وجمعه بين الآيات بجمع غيره من العلماء]

صَدَّر ابنُ جرير تَفْسِير آيَة "الأعراف" بِذِكْر الْمَعْنَى مُرَاعِيًا سِيَاق الآيَات، حَيث يَقُول: يَقُول تَعالى ذِكْرُه لِنَبِيِّه محمد صلى الله عليه وسلم: قُلْ يَا محمد لِهؤلاء الْجَهَلَة مِنْ العَرَب الذين يَتَعَرَّون عِند طَوَافِهم بِالبَيت، ويُحَرِّمُون على أنْفُسِهم مَا أحْلَلْتُ لهم من طَيِّبَات الرِّزْق: مَنْ حَرَّم أيُّها القَوم عَليكم زِينَة الله التي خَلَقَها لِعِبادِه أن تَتَزَيَّنُوا بِها، وتَتَجَمَّلُوا بِلِباسِها، والْحَلال مِنْ رِزْق الله الذي رَزَق خَلْقَه لِمَطاعِمِهم ومَشَارِبِهم؟ (٢)


(١) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (١٦/ ١٧٣).
(٢) جامع البيان، مرجع سابق (١٠/ ١٥٦).

<<  <   >  >>