للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم ذَكَر اخْتِلاف "أهْل التَّأوِيل في الْمَعْنِيّ بالطَّيِّبات مِنْ الرِّزْق بَعد إجْمَاعِهم على أن الزِّينَة ما قُلْنا (١)؛ فَقَال بَعضهم: الطَّيِّبَات مِنْ الرِّزْق في هذا الْمَوْضِع اللَّحْم، وذلك أنَّهم كَانُوا لا يَأكُلُونَه في حَال إحْرَامِهم" (٢).

وقَال آخَرُون: بَلْ عُنِي بِذلك مَا كانت الْجَاهِلِيَّة تُحَرِّم مِنْ البَحَائر والسَّوائب (٣) وذَكَر الْخِلاف في قِراءة (أَذْهَبْتُمْ) بالاسْتِفْهَام وتَرْكِه، ورَجَّح تَرْك الاسْتِفْهَام (٤).

ورَوى ابن جرير بإسْنَاده إلى ابن زَيد في قَوْل الله عَزَّ وَجَل: (أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا) إلى آخِر الآيَة، ثم قرأ: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ) [هود: ١٥]، وقَرأ: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا) [الشورى: ٢٠]، وقَرأ: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ) [الإسراء: ١٨] إلى آخِر الآيَة، وقال: هَؤلاء الذِين أذْهَبُوا طَيِّبَاتِهم في حَيَاتِهم الدُّنيا (٥).

وخَتَم ابن جرير تَفْسِير الآيَة بِقَولِه: (بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ) يَقُول: بِمَا كُنْتُم تَتَكَبَّرُون في الدُّنيا على ظَهْر الأرْض على رَبِّكُمْ فَتَأبَون أن تُخْلِصُوا له العِبَادَة، وأن تُذْعِنُوا لأمْره ونَهْيِه (٦).

وذَهَب ابن كثير إلى أنَّ آيَة "الأعراف" رَدّ "على مَنْ حَرَّم شَيئًا مِنْ الْمَآكِل أو الْمَشَارِب أو الْمَلابِس مِنْ تِلْقَاء نَفْسِه مِنْ غَير شَرْعٍ مِنْ الله. (قُلْ) يَا محمد لِهؤلاء الْمُشْرِكِين الذِين يُحَرِّمُون مَا يُحَرِّمُون بِآرَائهم الفَاسِدَة وابْتِدَاعِهم: (مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي


(١) يَعني: أنه اللباس الذي تركوه عند إحرامهم.
(٢) جامع البيان، مرجع سابق (١٠/ ١٥٦).
(٣) المرجع السابق (١٠/ ١٥٨)، ويُنظر تفسير بقية الآية ثم.
(٤) انظر: المرجع السابق (٢١/ ١٤٩).
(٥) المرجع السابق، الموضع السابق.
(٦) المرجع السابق (٢١/ ١٥٠).

<<  <   >  >>