للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإمَّا أنه ليس له حَسَنَات في الدُّنيا.

وأمَّا مَا يَتَعَلَّق بِمَسْألة حُبُوط أعْمَال الكُفَّار، كَقَولِه تَعالى: (مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُم) [التوبة: ١٧]؛ فَهذا لِكَونِها لا تَنْفَعُهم في الآخِرَة، ولا تُقْبَل مِنهم، وليسَتْ مُجَازَاتهم في الدُّنيا بِبَعْض مَا عَمِلوا دَلِيل قَبُول.

ألا تَرى إنَّ العَامِل يُعْطَى أُجْرَته، ولو لَم يَكُنْ مَرْضيًّا عند صَاحِب العَمَل؟

ومِثْله قُوله تَعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ) إلى قَوله تَعالى: (أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) [آل عمران: ٢١، ٢٢].

وقَوله تَعالى عن الْمُرْتَدِّين: (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) [البقرة: ٢١٧]، فهذا فِيمَا يَتَعَلَّق بِأعْمَالِهم التي عَمِلُوها قَبل الرِّدَّة مِنْ صَلاة وصِيَام وغَيرها؛ فإنَّ الرِّدَّة تُحْبِط تِلك الأعْمَال، ثم هُو مُقيَّد بِمَنْ مَات على الْكُفْر.

والْمُتَأمِّل في مَنْهَج القُرْطبي يَجِد أنه شَفَى في هذه الْمَسْألَة مِنْ نَاحِية إيرَادِه لأكْثر الأقْوَال في الآيَة، ومِن نَاحِية تَرْجِيحِه واخْتِيَارِه، ومِن نَاحِيَة جَمْعه بَيْن الآيَات.

المثال الثاني:

خَلْق الإنْسَان:

قَوله تَعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) [الحجر: ٢٦]، وقَوله: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ) [الأنعام: ٢]، وقَوله: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ) [المؤمنون: ١١، ١٢] وقوله: (إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ) [الصافات: ١١]،

<<  <   >  >>