للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[صورة التعارض]

الآيات الثَّلاث الأُوَل يُفهَم مِنها أنَّ العِزَّة لله وَحْدَه، وفي آيَة "الْمُنَافِقُون" التَّصْرِيح بأن العِزَّة لله ولِرَسوله صلى الله عليه وسلم وللمُؤمِنين.

[جمع القرطبي]

قال القرطبي في آيَة "النساء": (الْعِزَّةُ) أي الغَلَبَة، عَزّه يَعُزُّه عَزًّا إذا غَلَبَه.

(فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا) أي الغَلَبَة والقُوَّة لله. قال ابن عباس: يَبْتَغُون عِندهم: يُريد عند بني قينقاع، فإن ابن أُبَيّ كَان يُوالِيهم (١).

وفي آية "يونس" قال: (إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ) أي: القوَّة الكَامِلَة، والغَلَبَة الشَّامِلَة، والقُدْرَة التَّامَّة لله وَحْده؛ فهو نَاصِرُك ومُعِينُك ومَانِعُك.

ولا يُعَارِض هذا قَوله: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)، فإنَّ كُل عِزَّة بِالله فَهي كُلها لله، قال الله سبحانه: (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ) [الصافات: ١٨٠] (٢).

وقال في آية "فاطِر": (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا): التَّقْدِير عند الفرّاء: مَنْ كَان يُرِيد عِلْم العِزَّة. وكَذا قَال غَيره مِنْ أهْل العِلْم، أي: مَنْ كَان يُريد عِلْم العِزَّة التي لا ذِلَّة مَعها، لأنَّ العِزَّة إذا كَانت تُؤدي إلى ذِلة فإنما هي تَعَرُّض للذِّلَّة، والعِزَّة التي لا ذِل معها لله عَزَّ وَجَلّ.

وقَدّر الزجاج مَعناه: مَنْ كان يُريد بِعِبَادَته الله عَز وَجَلّ العِزَّة، والعِزَّة له سبحانه؛ فإنَّ الله عز وجل يُعِزّه في الآخِرة والدّنيا.

قلت: وهذا أحْسن. ورُوي مَرفوعًا على ما يأتي.


(١) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٥/ ٣٩٦).
(٢) المرجع السابق (٨/ ٣٢١، ٣٢٢).

<<  <   >  >>