للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ملخص جواب القرطبي]

١ - أهْل السُّنَّة وسَلَف الأمَّة على إثْبَات رُؤية الله تَعالى في الآخِرَة، وجَوَاز وُقُوعِها في الدُّنيا لِكَون مُوسَى طَلَبَهَا.

٢ - لا تَعَارُض بَيْن نَفْي الإدْرَاك وبَيْن إثْبَات الرُّؤيَة؛ فَنَفْي الإدْرَاك نَفْي إحَاطَة، والرُّؤيَة ثَابِتَة.

٣ - الزِّيَادَة على الْحُسْنَى هِي رُؤيَة وَجْه الله تَبَارَك وتَعَالى.

٤ - ضَعَّف تأويل النَّظَر إلى وجه الله بانتظار أمر الله أو ثَوابه.

[مقارنة جوابه وجمعه بين الآيات بجمع غيره من العلماء]

أطَال ابن جرير في مُنَاقَشَة مَعْنَى الإدْرَاك، وتَقْرِير عَقِيدَة أهْل السُّنَّة في رُؤية الله تَبَارَك وتَعَالى في الآخِرَة، فَذَكَر اخْتِلاف أهْل التَّأويل في تَأوِيل قَولِه تَعالى: (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ)؛ فَنَقَل عن بَعضهم: مَعْنَاه: لا تُحِيط بِه الأبْصَار وهو يُحِيط بِها.

ثم ذَكَر اسْتِدْلال أصْحَاب هذا القَوْل، وخَتَمه بِهذه المناقَشَة:

قَالوا: فإن قَال لَنا قَائل: وما أنْكَرْتُم أن يَكُون مَعْنَى قَوله: (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ) لا تَرَاه الأبْصَار؟

قُلنا له: أنْكَرْنا ذلك لأنَّ الله جَلّ ثَنَاؤه أخْبَر في كِتَابِه أنَّ وُجُوهًا في القِيَامَة إليه نَاظِرة، وأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أخْبَر أمَّتَه أنَّهم سَيَرَون رَبَّهم يَوْم القِيَامَة كَمَا يُرَى القَمَر لَيْلَة البَدْر، وكَمَا تَرَون الشَّمْس ليس دُونَها سَحَاب (١).

قَالوا: فإذ كان الله قد أخْبَر في كِتَابه بِمَا أخْبَر، وحَقَّقَتْ أخْبَار رَسول الله صلى الله عليه وسلم بِمَا ذَكَرْنا عنه مِنْ قِيله صلى الله عليه وسلم أنَّ تَأوِيل قَولِه: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) أنه نَظَر أبْصَار العُيُون لله جَلَّ جَلاله، وكان كِتَاب الله يُصَدِّق


(١) الحديث رواه البخاري ومسلم، وسيأتي تخريجه.

<<  <   >  >>