وقيل: هي مُتَّصِلَة بِقَولِه تَعَالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) [البقرة: ١١٤] الآية. فالْمَعْنَى: أنَّ بِلاد الله أيها الْمُؤْمِنُون تَسَعُكم فلا يَمْنَعْكم تَخْرِيب مَنْ خَرَّب مَسَاجِد الله أن تُوَلُّوا وُجُوهَكم نَحْو قِبْلَة الله أينَمَا كُنْتُم مِنْ أرْضِه.
وقيل: نَزَلَتْ حين صُدّ النبي صلى الله عليه وسلم عن البَيْت عَام الْحُدَيْبِيَة، فاغْتَمّ الْمُسْلِمُون لِذَلك. فَهَذِه عَشَرَة أقْوَال، ومَن جَعَلَها مَنْسُوخَة فَلا اعْتِرَاض عَليه مِنْ جِهَة كَونِها خَبرًا؛ لأنها مُحْتَمِلة لمَعْنَى الأمْر، يُحْتَمل أن يَكُون مَعْنَى: (فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ): وَلُّوا وجُوهَكم نَحْو وَجْه الله.
وهذه الآيَة هي التي تَلا سَعيد بن جُبير رَحِمَه الله لَمَّا أمَرَ الْحَجَّاج بِذَبْحِه إلى الأرْض (١).
[ملخص جواب القرطبي]
قَوله تعالى: (فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ):
١ - نَزَلَ فِيمَن صَلَّى إلى غَير القِبْلَة في لَيْلَة مُظْلِمَة. قَاله عبد الله بن عامر، وَرَوَاه عن أبِيه.
٢ - نَزَلَ في صَلاة النَّافِلَة خَاصَّة.
٣ - نَزَلَ في النَّجَاشي، وقَد صَلَّى إلى غَير القِبْلَة، قَاله قَتادة.
٤ - نَزَل رَدًّا على اليَهُود حِين قَالُوا: مَا وَلَّاهم عَنْ قِبْلَتِهم التي كَانوا عَليها. قَالَه ابن زيد.
٥ - أنَّ الآيَة مَنْسُوخَة، وحَكاه عن ابن عباس.
٦ - أيْنَمَا كُنْتم في شَرْق وغَرْب فَثَمَ وَجْه الله.
٧ - أنّها في قِبْلَة الدُّعَاء، وحكاه عن مجاهد وابن جبير.
٨ - أيْنَمَا تُولُّوا في أسْفَارِكم ومُنْصَرَفَاتِكم؛ فَثَمّ وَجْه الله.
(١) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٢/ ٧٧ - ٨١) باخْتِصَار. وسيأتي تخريجها لاحقًا.