للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبِنَحْو الْمَعْنَى الأوَّل الذي ذَكَره ابن جُزيّ قال ابن كثير، ورَجَّح عُمُوم الْحُكْم لا اخْتِصَاصه بِسَبب النُّزُول، فَقَال: وقَد ذَكَرُوا أنّ سَبَب نُزُول هَذه الآيَة في قَوم مِنْ الأنْصار، وإنْ كَان حُكْمها عَامًّا (١).

وقال بَعد ذِكْر الرِّوَايات في سَبَب نُزُول الآيَة مَا نَصّه: وقد ذَهَب طَائفَة كَثِيرَة مِنْ العُلَمَاء أنَّ هَذه مَحْمُولَة على أهْل الكِتَاب، ومَن دَخَلَ في دِينِهم قَبْل النَّسْخ والتَّبْدِيل، إذا بَذَلُوا الْجِزْية.

وقَال آخَرُون: بل هي مَنْسُوخَة بِآيَة القِتَال، وأنه يَجِب أن يُدْعَى جَميع الأمَم إلى الدُّخول في الدِّين الْحَنِيف - دِين الإسْلام - فإن أَبَى أحَدٌ مِنهم الدُّخُول فيه، ولم يَنْقَد لَه أو يَبذُل الْجِزْيَة قُوتِل حتى يُقْتَل، وهذا مَعْنَى الإكْرَاه (٢).

ونَبّه القاسمي عَلى أنّ "سَيْف الْجِهَاد الْمَشْرُوع في الإسْلام، والذي لا يُبْطِله عَدْل عادِل، ولا جَوْر جَائر؛ لم يُسْتَعْمَل للإكْرَاه عَلى الدُّخول في الدِّين، ولَكِن لِحِمَايَة الدَّعْوة إلى الدِّين، والإذْعَان لِسُلْطَانِه، وحُكْمِه العَدْل" (٣).

[رأي الباحث]

أن آية "البقرة" مُحْكَمَة، وهو قَول كَثِير مِنْ الْمُفَسِّرين، وهو اخْتِيَار ابن جرير.

والْجَوَاب عن التَّعَارُض الْمُتَوَهَّم:

أن يُقَال:


(١) تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق (٢/ ٤٤٤).
(٢) المرجع السابق (٢/ ٤٤٦).
(٣) محاسن التأويل، مرجع سابق (٣/ ٢٣٦).

<<  <   >  >>