للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْحَامِل بِقولِه: (وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ)، والْمَقْصُود مِنْ الأقْرَاء الاسْتِبْرَاء، بِخِلاف عِدَّة الوَفَاة التي هي عِبادَة، وجَعَل الله عِدّة الصَّغِيرة التي لم تَحِض والكبيرة التي قد يَئِسَتْ: الشُّهور. وقال قَوم: إنَّ العُمُوم في الْمُطَلَّقَات يَتناول هؤلاء ثم نُسِخْنَ، وهو ضَعيف، وإنما الآية فيمن تَحِيض خَاصَّة، وهو عُرْف النِّسَاء، وعليه مُعْظَمُهنّ (١).

مُلخَّص جواب القرطبي:

١ - الْمُطَلَّقَات لَفْظ عَام، ويُرَاد به في هذه الآية الْخُصُوص في الْمَدْخُول بهن.

٢ - أن الآيسَة والصَّغيرة والْحَامِل والْمُتَوفَّى عنها زوجها غير دَاخِلة في آية "البقرة".

مُقارنة جوابه وجَمْعه بين الآيات بجمع غيره من العلماء:

قال ابن جرير: القَول في تأويل قوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ) يَعني تعالى ذِكْرُه: والْمُطَلَّقَات اللواتي طُلِّقْنَ بعد ابْتِنَاء أزْوَاجِهن بهن وإفْضَائهم إليهن إذا كُنَّ ذَوات حَيض وطُهْر؛ يَتَرَبَّصْن بأنْفُسِهنَّ عن نِكَاح الأزْواج ثَلاثة قُرُوء (٢).

وأورَدَ البَغوي أنْواع العِدَد، فقال: وجُمْلَة الْحُكْم في العِدَد أنَّ الْمَرْأة إذا كانت حَامِلًا فَعِدّتها بِوَضْع الْحَمْل، سَواء وَقَعَتِ الفُرْقَة بَينها وبَين الزَّوج بالطَّلاق أو بِالْمَوت، لِقوله تَعالى: (وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ).

فإن لم تكن حَامِلا نُظِر إن وَقَعَتِ الفُرْقَة بَينهما بِمَوت الزَّوج، فَعَلَيها أنْ تَعْتَدّ بأرْبعة أشْهر وعَشْر، سَواء مَات الزَّوج قَبْل الدّخُول أو بَعْدَه، وسَواء كَانَتِ الْمَرْأة


(١) الجامع لأحكام القرآن (٣/ ١٠٨) باختصار يسير.
(٢) جامع البيان، مرجع سابق (٤/ ٨٧).

<<  <   >  >>