للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِمَّنْ تَحِيض أوْ لا تَحِيض، لِقول الله عَزَّ وَجَلَّ: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا).

وإن وَقَعَتِ الفُرْقَة بَينهما بالطَّلاق في الْحَياة نُظِر إنْ كان قَبْل الدّخُول بها فلا عِدَّة عليها، لِقول الله تعالى: (إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا)، وإنْ كان بَعْد الدُّخُول نُظِر إن كانت الْمَرْأة لم تَحِض قَطّ، أوْ بَلَغَتْ في الكِبَر سِنّ الآيسَات؛ فَعِدّتُها ثَلاثة أشْهر، لِقول الله تعالى: (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ)، وإن كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيض فَعِدَّتُها ثَلاثة أقْرؤ، لِقولِه تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ) (١).

ثم قال: وهذا كُلّه في عِدَّة الطَّلاق، أمَّا الْمُتَوفَّى عنها زَوجُها فَعِدّتُها أرْبَعة أشهر وعشر، سَواء كَانت مِمَّنْ تَحِيض أوْ لا تَحِيض، وأمَّا الْحَامِل فَعِدّتُها بِوَضْع الْحَمْل، سَواء طَلَّقَها زَوجُها، أوْ مَات عنها، لِقوله تَعالى: (وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) (٢).

وقال الزمخشري: والْمُطَلَّقَات: أرَاد الْمَدْخُول بِهِنّ مِنْ ذَواتِ الأقْرَاء. فإن قُلْت: كيف جَازَتْ إرَادَتهن خَاصَّة، واللفْظ يَقْتَضِي العُمُوم؟ قُلْت: بل اللفظ مُطْلَق في تَنَاول الْجِنْس، صَالِح لِكُلِّه وبَعْضِه، فَجَاء في أحَدِ مَا يَصْلُح له كَالاسْمِ الْمُشْتَرَك. فإن قُلْت: فما مَعْنى الإخْبَار عَنْهُنّ بالتَّربُّص؟ قُلْت: هوَ خِبْر في مَعْنى الأمْر، وأصْل الكَلام: لِيَتَرَبَّص الْمُطَلَّقَات. وإخْرَاج الأمْر في صُورة الْخَبَر تَأكِيد للأمْر، وإشْعَار بأنه مِمَّا يَجب أن يُتَلَقَّى بِالْمُسَارَعَة إلى امْتِثَالِه.


(١) معالم التنْزيل، مرجع سابق (٤/ ٢٠٤).
(٢) المرجع السابق (٤/ ٣٥٨).

<<  <   >  >>