للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومِن حِفْظِ الله لِكِتَابِه أنْ تَكَفَّل سُبْحَانه بِرَدِّ كُلّ فِرْيَة، ودَحْضِ كُلّ شُبْهَة؛ بِحُجَجٍ عقلية، وبَرَاهِين قطعية - يَحْسُن بِطَالِب العِلْم أن يَتَزَوّد مِنها لِتَكُون عَوْنا له - بعد الله في مَوَاجَهَة الشُّبُهَات التي يَقْذِف بها خُصُوم الإسْلام وأعْدَاؤه.

قال سبحانه وتعالى: (وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا) [الفرقان: ٣٣].

ومِن ذلك الْحِفْظ أن قَيَّض الله لِهَذا الدِّين أئمَّة أعْلاها يَنْفُون عنه تَحْرِيف الغَالِين، وانْتِحَال الْمُبْطِلين، وتَأوِيل الْجَاهِلِين.

أسباب اختيار المَوضُوع:

١ - أهَمِّيَّة هَذا الفَنّ، وضَرُورَة دِرَاسَته وتَعَلُّمَه. قال النَّووي: هَذا فَنّ مِنْ أهم الأنْوَاع، ويُضْطَرّ إلى مَعْرِفَتِه جَمِيع العُلَمَاء مِنْ الطَّوائف (١).

وقال ابن تيمية: تَعَارُض دَلالات الأقْوَال وتَرْجِيح بَعْضها على بَعْض بَحْرٌ خِضَم (٢).

٢ - أهَمِّيَّة دِرَاسَة هَذا الْجَانِب نَظَرًا لاسْتِغْلالِه مِنْ بَعْض أعْدَاء الْمِلَّة للتَّشْكِيك في صدق القُرْآن، وأنه ليس من عند الله.

٣ - تَجْلِيَة هَذا الْجَانِب، وإبْرَاز أنَّ بَعْض مَا يُعْتَبَر تَنَاقُضًا أوْ تَعَارُضًا إنَّمَا هو من مَحَاسِن التَّعْبِير القُرْآني.

٤ - الذَّبّ عن دِين الإسْلام.

فإنَّ الذَّب عن دِين الله عزّ وَجَلّ إمَّا أن يَكُون بِجِلاد أوْ بِجِدَال.

فَـ "أمَّا الْمُعَارِضُون الْمُدَّعُون للحَقّ فَنَوْعَان:

نَوْع يُدْعَون بِالْمُجَادَلة بِالتي هي أحْسَن، فإن اسْتَجَابُوا، وإلَّا فَالْمُجَالَدَة؛ فهؤلاء لا بُدّ لَهم مِنْ جِدَال أوْ جِلاد، ومَن تأمَّل دَعْوة القُرْآن وَجَدَها شَامِلَة لِهَؤلاء الأقْسَام،


(١) قاله النووي فيما يتعلق بـ (مُخْتَلَف الْحَدِيث). انظر: تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي (٢/ ١٧٥)، والْجَامِع بيْن الْفَنين: دَفْع تَوَهُّم التَّعَارُض في نُصُوص الوَحْيَيْن.
(٢) رفع الملام عن الأئمة الأعلام، ابن تيمية (ص ٣٩).

<<  <   >  >>