للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[جمع القرطبي]

قال القرطبي:

رَوَى البُخَاري (١) عن سَعيد بن جُبير قَال: قَال رَجُل (٢) لابْنِ عباس: إني أجِدُ في القُرْآن أشْيَاء تَخْتَلِف عَليَّ. قال: مَا هُو؟ (٣) قال: (فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ) [المؤمنون: ١٠١]، وقال: (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ) [الصافات: ٢٧]، وقال: (وَلَا يَكْتَمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا) [النساء: ٤٢]، وقال: (وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ) [الأنعام: ٢٣] فَقَد كَتَمُوا في هَذه الآية. وفي "النازعات": (أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا) إلى قوله: (دَحَاهَا)، فَذَكَرَ خَلْقَ السَّمَاء قَبْل الأرْض، ثم قال: (أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) إلى (طَائِعِينَ)، فَذَكَرَ في هذا خَلْقَ الأرْض قَبْل خَلْق السَّمَاء … فقال ابن عباس: - وَذَكَر أجْوِبَة (٤) - قال: وخَلَقَ اللهُ الأرْض في يَومَين، ثُمّ اسْتَوى إلى السَّمَاء فَسَوَّاهُنّ سَبْع سَمَاوَات في يَومَين، ثُمّ دَحَا الأرْض، أي بَسَطَها، فأخْرَج مِنْها الْمَاء والْمَرْعَى، وخَلَق فيها الْجِبَال والأشْجَار والآكَام ومَا بَيْنَها في يَومَين آخَرَين، فَذَلك قَوله: (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا)، فَخُلِقَتِ الأرْض ومَا فِيها في أرْبَعة أيام، وخُلِقَتِ السَّمَاء في يَومَين (٥).

وقال في تَفْسير "فُصِّلتْ": (فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) في تَتِمَّة أرْبَعة أيام، ومِثَاله قَول القائل: خَرَجْتُ مِنْ البصْرة إلى بَغْدَاد في عَشرَة أيام، وإلى الكُوفة في خَمْسَةَ عَشَر يَومًا، أي: في تَتِمَّة خَمْسَةَ عَشَرَ يَومًا. قال مَعْنَاه ابن الأنباري وغيره (٦) … وظَاهِر هَذه الآية يَدُلّ


(١) الصحيح (٤/ ١٨١٥) وصُورته صُورة التَّعْليق. قال العيني (عمدة القارئ ١٩/ ١٥٠): ذَكَرَ ما عَلَّقَه عن الْمِنْهَال أوَّلًا، ثم أسْنده عقيبه.
(٢) روى الطبري (٥/ ٩٤) من طريق الضحاك أن نافع بن الأزرق أتى ابن عباس - فَذَكَرَه -.
(٣) هذا السؤال لم أره في المطبوع من صحيح البخاري.
(٤) ذَكَرَها القرطبي، وحذَفْتُها اختصارًا، ولأنها سوف تأتي في مواضع أُخَر.
(٥) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٤/ ١٢).
(٦) المرجع السابق (١٥/ ٣٤٣).

<<  <   >  >>