للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْحَسَن: حُقَّ لَها أن تُنَضَّر وهي تَنْظُر إلى الْخَالِق، وهذا مذهب عكرمة. ورُؤيَة الله عَزَّ وَجَلّ حَقّ لا شَكّ فِيها، والأحَادِيث فِيها صِحَاح (١).

[رأي الباحث]

لا تَعَارُض بَيْن نَفْي إحَاطَة الأبْصَار بِه سبحانه وتَعالى وبَيْن إثْبَات الرُّؤيَة؛ لأنَّ الرُّؤيَة لا تَقْتَضِي الإحَاطَة.

ألا تَرَى أنَّ الرَّائي للجَبَل يَرَاه ولا يُحِيط بَصَرُه بِالْجَبَل. ولله الْمَثَل الأعْلَى؛ فهو سبحانه وتعالى أعظَم وأجَلّ مِنْ أن تُحِيط بِه الأبْصَار.

وقد "اتَّفَقَتِ الأمَّة على أنه لا يَرَاه أحَدٌ في الدُّنيا بِعَينِه، ولم يَتَنَازَعُوا في ذلك إلَّا في نَبِيِّنا صلى الله عليه وسلم خَاصَّة" (٢)، والْجُمْهُور على أنَّها رُؤيَة قَلْبِيَّة (٣)، فقد سُئل عليه الصلاة والسلام: هَلْ رَأيْتَ رَبَّك؟ فقال: نُوْرٌ أنَّى أَرَاه (٤).

وقَالتْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمًّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ، وَلَكِنْ قَدْ رَأَى جِبْرِيلَ في صُورَتِه، وَخَلْقُهُ سَادّ مَا بَيْنَ الأُفُق (٥).

وقالتْ: مَنْ حَدَّثَك أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (٦).


(١) زاد المسير، مرجع سابق (٨/ ٤٢٢، ٤٢٣).
(٢) شرح العقيدة الطحاوية، مرجع سابق (ص ٢١٣).
(٣) انظر لهذه المسألة: كتاب "السنة"، ابن أبي عاصم (١/ ١٨٨ وما بعدها)، و"الإيمان"، ابن منده، مرجع سابق (٢/ ٧٦٠ وما بعدها)، و"شرح أصول اعتقاد أهل السنة"، مرجع سابق (٣/ ٥١٢ وما بعدها)، و"مجموع فتاوى ابن تيمية"، مرجع سابق (٦/ ٥٠٧ وما بعدها).
(٤) رواه مسلم (ح ١٧٨).
(٥) رواه البخاري (ح ٣٠٦٢).
(٦) رواه البخاري (ح ٤٥٧٤)، ومسلم (ح ١٧٧).

<<  <   >  >>