للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا كَقَولِه: (وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا) [يس: ١٢]، والْمُرَاد مَا قَدَّمُوا وأخَّرُوا، فَاكْتَفَى بِذِكْرِ أحَدِهما، كَما في قَوله تَعالى: (سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ)، والْمُرَاد: والبَرْد أيضًا (١).

وكَقَولِه تَعالى: (وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارَ) [الأنعام: ١٣] أي: اسْتَقَرّ. قِيل: أرَاد مَا سَكَن ومَا تَحَرَّك، كَقَولِه: (سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) أي: الْحَرّ والبَرْد. وقِيل: إنما خَصّ السُّكون بالذِّكْر لأنَّ النِّعْمَة فيه أكْثَر (٢).

المثال الثاني:

نَفْي انْتِفَاع الكُفَّار بالإنْذَار

قَوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) [البقرة: ٦]، مَع قَوله تَعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا) [البقرة: ١١٩] وقَوله تَعالى: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ)، الآية [الأنفال: ٣٨]، مَع الآيَات الوَارِدَة في الْحَثّ عَلى دَعْوة الكُفَّار، ومَع إسْلام مَنْ أسْلَم مِنْ الكُفَّار قَدِيمًا وحَدِيثًا.

[صورة التعارض]

أنَّ الكُفَّار لا تَنْفعهم النِّذَارَة، في حِين أنَّ مُهِمَّة الأنْبِيَاء هي البِشَارَة والنِّذارة.

كما أنَّ "هَذه الآيَة تَدُلّ بِظَاهِرها عَلى عَدم إيمان الكُفَّار، وقَد جَاء في آيَات أُخَر ما يَدُلّ عَلى أنَّ بَعض الكُفَّار يُؤمِن بالله ورَسُولِه، كَقَولِه تَعالى: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ


(١) التفسير الكبير، مرجع سابق (٢٦/ ٤٣) باختصار.
(٢) معالم التنزيل، مرجع سابق (٢/ ٨٧).

<<  <   >  >>