للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المهدوي: ومَن قَرأ (أمِر) فهي لُغة، ووَجْه تَعْدِيَة أمرِ أنه شَبّهه بِعَمِر (١) من حَيث كَانت الكَثْرة أقْرَب شَيء إلى العمَارة، فَعَدّى كَما عَدى عَمِر.

البَاقُون (٢): (أمَرْنا) مِنْ الأمْر، أي: أمَرْناهم بالطَّاعة إعْذَارًا وإنْذَارًا وتَخْويفًا ووَعِيدًا (فَفَسَقُوا) أي: فَخَرَجُوا عن الطَّاعَة عَاصِين لَنا (فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ) فَوَجب عَليها الوَعِيد. عن ابن عباس.

وقيل: أمَرنا: جَعلناهم أمَرَاء؛ لأنَّ العرب تقول: أمِير غير مَأمُور، أي: غير مُؤمَّر.

وقيل: مَعْنَاه: بَعَثْنا مُسْتَكْبِرِيها، قال هارون: في قِراءة أُبَيّ: (بَعَثْنَا أكَابِر مُجْرِمِيها فَفَسَقُوا) (٣) ذَكَرَه الماوَرْدِي.

ويَجُوز أن يَكُون (أمَرنا) بِمَعْنى أكْثَرْنا .... وعلى هذا لا يُقَال: أمَرَهم الله بِمَعْنَى كَثَّرَهم، بل يُقالُ: آمَره وأمِره. واختار أبو عبيد وأبو حاتم قراءة العامة، قال أبو عبيد: وإنَّما اخْتَرْنا (أَمَرْنَا) لأنَّ الْمَعَاني الثَّلاثة تَجْتَمِع فيها مِنْ الأمْر والإمَارة والكَثْرة.

والْمُتْرَف الْمُنعَّم. وخُصُّوا بِالأمْر لأنَّ غيرهم تَبَع لهم (٤).

فلم يُشِر القرطبي في تفسِير آيَة "الأعراف" إلى نَفْي الأمر الْمُثْبَت في آيَة "الإسراء"، اكْتِفَاءً بِمَا بيَّنَه في مَعْنَى الأمْر في آية "الإسراء".

[ملخص جواب القرطبي]

١ - أمَّرنا بِمَعْنى: سَلَّطْنَا شِرَارَها فَعَصَوا فِيها، فإذا فَعَلُوا ذلك أهْلَكْنَاهُم.


(١) في اللسان (٤/ ٦٠٢): عمر الرجل يعمر عمرًا وعمارة وعمرًا، وعمر يعمر ويعمِر - الأخيرة عن سيبويه - كلاهما: عاش وبقي زمانًا طويلًا.
(٢) أي: وقرأ الباقون.
(٣) وهي قراءة تفسيرية.
(٤) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (١٠/ ٢٠٤، ٢٠٥) باختصار.

<<  <   >  >>