في آيَة "الإسراء" نَفْي التَّعْذِيب إلَّا بَعْد إقَامَة الْحُجَّة وإرْسَال الرُّسُل، وفي الآيَتَين الأُخْرَيَيْن الإخْبَار عن بِعْثَة النبي صلى الله عليه وسلم أنه بُعِث في قَوْم لَم يَأتِهم نَذِير، وفي آيَة "المائدة" إثْبَات أنَّ بِعْثَته صلى الله عليه وسلم جَاءت على فَتْرَة مِنْ الرُّسُل. مَع إخْبَارِه صلى الله عليه وسلم عن تَعْذِيب بَعض أهْل الْجَاهِلِيَّة، وفي صحيح مسلم (١) من حديث أنَس أنَّ رَجُلًا قال: يَا رَسُول الله أين أَبِي؟ قال: في النَّار، فَلَمَّا قَفَّى دَعَاه، فَقَال: إنَّ أبي وأبَاك في النَّار.
[جمع القرطبي]
قال في آيَة "الإسراء":
قَوله تَعالى:(وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا)، أي: لم نَتْرُك الْخَلْق سُدَى، بل أرْسَلْنا الرُّسُل، وفي هَذا دَلِيل عَلى أنَّ الأحْكَام لا تَثْبُت إلَّا بِالشَّرْع … والْجُمْهُور على أنَّ هذا في حُكْم الدُّنيا، أي: أنَّ الله لا يُهْلِك أمَّة بِعَذَاب إلَّا بَعد الرِّسَالة إلَيهم والإنْذَار.
وقَالَت فِرْقَة: هذا عَامّ في الدُّنيا والآخِرَة، لِقَولِه تَعَالى: (كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ