للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦ - آيَة "الزخرف" تَكْذِيب للمُشْرِكِين في أنَّ لله شَرِيكًا ووَلَدًا، وإثْبَات أنَّ الله هو الْمُسْتَحِقّ للعِبَادَة في السَّمَاء والأرْض.

[مقارنة جوابه وجمعه بين الآيات بجمع غيره من العلماء]

بَيَّن ابن جرير "مَعْنَى الألُوهِيَّة وأنَّهَا اعْتِبَاد الْخَلْق" ثم قَال: فَمَعْنَى قَوْله: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ): والذِي يَسْتَحِقّ عَليكم أيُّهَا النَّاس الطَّاعَة لَه، ويَسْتَوجِب مِنْكم العِبَادَة مَعْبود وَاحِد، ورَبّ وَاحِد، فلا تَعْبُدُوا غَيره، ولا تُشْرِكُوا مَعَه سِوَاه، فإنَّ مَنْ تُشْرِكُون مَعه في عِبَادَتِكُم إيَّاه هو خَلْق مِنْ خَلْق إِلهِكم مِثْلكم. (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ) لا مِثْل له ولا نَظِير.

ثم ذَكَر الاخْتِلاف في مَعْنَى وَحْدَانِيّتِه تَعَالى ذِكْرُه؛ فَنَقَل عن بعضهم: مَعْنَى وَحْدَانِيَّة الله مَعْنَى نَفْي الأشْبَاه والأمْثَال عنه.

وعن آخَرِين: مَعْنَى وَحْدانيته تَعَالى ذِكْرُه مَعْنَى انْفِرَادِه مِنْ الأشْيَاء، وانْفِرَاد الأشْيَاء منه.

وأمَّا قَوله: (لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ)، فإنه خَبَر مِنه تَعالى ذِكْرُه أنه لا رَبّ للعَالَمِين غَيره، ولا يَسْتَوجِب على العِبَاد العِبَادَة سِوَاه، وأنَّ كُلّ مَا سِوَاه فَهُمْ خَلْقه، والوَاجِب على جَمِيعِهم طَاعَته، والانْقِياد لأمْرِه، وتَرْك عِبَادَة مَا سِوَاه مِنْ الأنْدَاد والآلِهَة، وهَجْر الأوْثَان والأصْنَام؛ لأنَّ جَمِيع ذَلك خَلْقُه، وعلى جَمِيعِهم الدَّيْنُونَة لَه بِالوَحْدَانيَّة والألُوهَة، ولا تَنْبَغِي الأُلوهَة إلَّا لَه (١).


(١) جامع البيان، مرجع سابق (٢/ ٧٤٥، ٧٤٦) باختصار.

<<  <   >  >>