للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتَصَدّقْتُ، ويُثْني بِخَير مَا اسْتَطَاع، فَيَقُول: هَا هُنا إذًا (١)، ثم يُقَال لَه: الآن نَبْعَث شَاهِدَنا عَلَيك، فَيفْتَكِر في نَفْسِه: مَنْ هَذا الذي يَشْهَد عَليّ؟ فيُخْتَم على فِيه، ويُقَال لِفَخِذِه ولَحْمِه وعِظَامِه: انْطلِقي، فتَنْطلِق فَخِذُه ولَحْمه وعِظَامُه بِعَمَلِه، وذلك لِيُعْذِر مِنْ نَفْسِه. وذَلك الْمُنَافِق، وذَلك الذِي يَسْخَط الله عَليه (٢). وقد مَضَى هَذا الْحَدِيث في حَم السجدة وغيرها (٣).

وبيَّن في آيَة "الصافات" أنَّ هَذا يَكُون قَبْل السَّوْق إلى الْجَحِيم، وفِيه تَقْدِيم وتَأخِير، أي: قِفُوهم للحِسَاب، ثم سُوقُوهم إلى النَّار.

وقيل: يُسَاقُون إلى النَّار أوَّلًا ثم يُحْشَرُون للسُّؤَال إذا قُرِّبُوا مِنْ النَّار. (إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ) عن أعْمَالِهم وأقْوَالِهم وأفْعَالِهم.

الضحاك: عن خطاياهم. ابن عباس: عن لا إله إلا الله. وعنه أيضًا: عن ظُلْم الْخَلْق.

وفي هذا كُلّه دَلِيل على أنَّ الكَافِر يُحَاسَب. وقد مَضَى في "الْحِجْر" الكَلام فيه.

وقِيل: سُؤَالُهم أن يُقَال لَهم: ألَم يَأتِكُم رُسُل مِنْكُم إقَامَة للحُجَّة؟ (٤)

[ملخص جواب القرطبي]

١ - في الآيَات دَلِيل على مُحَاسَبَة الكُفَّار.

٢ - أنَّهم يُسْألُون في مَوَاطِن مِنْ مَوَاطِن يَوْم القِيَامَة، ولا يُسْألُون في مَوَاطِن أُخْرَى


(١) في صحيح مسلم [فيَقول: هاهنا إذًا]. قال النووي (المنهاج ١٨/ ١٠٤) معناه: قف هاهنا حتى يشهد عليك جوارحك إذ قد صِرْت مُنْكِرًا.
(٢) رواه مسلم، وقد تقدّم تخريجه في الفصل الأول، وقد أورده أيضًا في تفسير سورة الأنعام.
(٣) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (١٧/ ١٥١).
(٤) المرجع السابق (١٥/ ٦٧).

<<  <   >  >>