للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي آيَة تَحْرِيم الْخَمْر نَصّ القرطبي على أنَّ تَحْرِيم الْخَمْر نَزَل "في سَنَة ثَلاث بَعْد وَقْعَة أُحُد، وكَانت وَقْعَة أُحُد في شَوَّال سَنَة ثَلاث مِنْ الْهِجْرَة" (١).

كَمَا نَصّ على أنَّ "تَحْرِيم الْخَمْر كان بِتَدْرِيج ونَوَازل كَثِيرة، فإنَّهم كَانُوا مُولَعِين بِشُرْبِها … حتى نَزَلَتْ: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ) الآيَة، فَصَارَتْ حَرَامًا عليهم حتى صَار يَقُول بَعْضُهم: مَا حَرَّم الله شيئًا أشَدّ مِنْ الْخَمْر" (٢).

[ملخص جواب القرطبي]

١ - أنَّ تَحْرِيم الْخَمْر نَزَل بِالتَّدْرِيج، ثم كان آخِر الأمْر التَّشْدِيد في تَحْرِيم الْخَمْر.

٢ - أنَّ نَفْي الْجُنَاح عَمَّن شَرِب الْخَمْر إنَّمَا هو في حَقّ مَنْ مَات قَبل تَحْرِيمها.

[رأي الباحث]

أفَاد القُرطبي في هَذا الْمَوضِع مِنْ جَواب ابن جرير، فِيمَا يَتَعَلَّق بِتِكْرَار اشْتِراط التَّقْوَى في الآيَة.

والْجَمْع بَيْن الآيَتَين أن يُقَال: تَحْرِيم الْخَمْر كان آخِر الأمْر بَعْد تَدَرُّجٍ في تَحْرِيمه، ولذا قالت عائشة رضي الله عنها: ولو نَزَل أوّل شَيء لا تَشْرَبُوا الْخَمْر، لَقَالُوا: لا نَدَع الْخَمْر أبَدًا (٣).

وتأخّر نَفِي الْجُنَاح عن آيَة تَحْرِيم الْخَمْر لِكَون السُّؤَال عَمَّن مَات وهي في بَطْنِه كان بَعْدَ ذلك.


(١) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٦/ ٢٦٧)، وقال قتادة: نزل تحريم الخمر في سورة المائدة بعد غزوة الأحزاب. (الدر المنثور، مرجع سابق ٣/ ١٦٥)، وانظر الخلاف في زمن وقوع غزوة الأحزاب: السيرة النبوية، ابن كثير (٣/ ١٨٠)، وصحيح السيرة النبوية، إبراهيم العلي (ص ٢٦٤).
(٢) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٦/ ٢٦٧) باختصار.
(٣) رواه البخاري (ح ٤٧٠٧).

<<  <   >  >>