للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال قتادة: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ) (فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا) (١) أي: فَلْيَتَعَزَّز بِطَاعَة الله عَزَّ وَجَلّ.

وقِيل: مَنْ كَان يُرِيد عِلْم العِزَّة لِمَنْ هي؟ (فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا). وحَكاه ابن جرير (٢).

وفي تفسير سُورة الْمُنَافِقُون اكْتَفَى بِما أوْرَده سَابقا، واقْتَصَر على سِياق الرِّوَايات الوَارِدَة في سَبَب النُّزُول، ومَا جَاء في قِصَّة ابن أُبيّ (٣).

[رأي الباحث]

قد بيّن الْمُفَسِّرُون فيما مَضى أنه لا تَعَارُض بَيْن الآيَات، فالعِزَّة الْمُطْلَقَة لله وحْدَه، وهو العَزِيز سُبْحَانه يُعِزّ مَنْ يَشاء، ويُذلّ مَنْ يَشاء، وهو الذي أعَزّ رَسوله والْمُؤمِنِين، ومِنه تُستَمَدّ العِزَّة، فلا تُنَال إلَّا بِطَاعَة الله.

فإنَّ للطَّاعَةِ عِزَّة، وللمَعْصِيَة ذِلَّة، ولِذا لَمَّا عَصَتْ يَهُود (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ)، (وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ) [آل عمران: ١١٢].

والعِزَّة بالتَّمَسُّك بِالإسْلام، قال عمر رضي الله عنه: كُنَّا أذَلّ قَوم، فأعَزَّنَا الله بالإسْلام، فَمهما نَطْلُب العِزّ بِغَير مَا أعَزَّنا الله به أذَلَّنا الله (٤).

وقال: إنا قَوم أعَزَّنا الله بالإسْلام فلن نَبْتَغِي العِزّ بِغَيره (٥).


(١) في المطبوع من تفسير ابن كثير - ط. وزارة الشؤون الإسلامية بالمملكة - ثم دمج الآيتين بين قوسين! فأوهم كونها آية واحدة، وهو خطأ ظاهر شنيع، وهما آيتان من سورتين، الأولى من سورة فاطر، والثانية من سورة النساء.
(٢) تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق (١١/ ٣٠٩، ٣١٠).
(٣) المرجع السابق (١٤/ ٧ - ١٤).
(٤) رواه الحاكم (ح ٢٠٧) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.
(٥) رواه ابن أبي شيبة (ح ٣٣٨٤٧) وهنّاد في "الزهد" (ح ٨١٧)، والحاكم (ح ٢٠٨).

<<  <   >  >>