للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثَّاني: مَنْ كَان يُرِيد العِزَّة بِمُغَالَبَة الإسْلام (فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا)، فالْمُغَالِب له (١) مَغْلُوب.

والثَّالث: مَنْ كَان يُرِيد أن يَعْلَم لِمَنْ العِزَّة، فَلْيَعْلَم أنَّ العِزَّة لله جَمِيعًا (٢).

وقد جَمَع ابن كثير بَيْن الآيَات، وبَيَّن أنَّ الْمَقْصُود مِنها هو الْحَثّ على طَلَب العِزَّة بِطَاعَة الله، فقال: أخْبَر اللهُ تَعالى بأنَّ العِزَّة كُلّها له وحْدَه لا شَرِيك له، ولِمَن جَعَلَها له، كَمَا قَال تَعالى في الآيَة الأخْرَى: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا)، وقَال تَعالى: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ)، والْمَقْصُود مِنْ هَذا التَّهْيِيج على طَلَبِ العِزَّة مِنْ جَنَاب الله، والالْتِجَاء إلى عُبُودِيَّتِه، والانْتِظَام في جُمْلَة عِبَادِه الْمُؤمِنين الذين لَهم النُّصْرَة في الْحَيَاة الدُّنْيا ويَوم يَقُوم الأشْهَاد (٣).

واقْتَصَر في تَفْسِير سُورة يُونس على إيضَاح مَعنَى أنَّ العِزّة جَميعها لله ولِرَسُوله وللمُؤمِنين (٤).

وفي آية "فاطِر" أشَار ابن كثير إلى مَا فِيها مِنْ الْحَثّ على طَلَب العِزَّة أيضًا، فقال: مَنْ كان يُحِبّ أن يَكُون عَزِيزًا في الدُّنيا والآخِرة فَلْيَلْزَم طَاعَة الله تَعالى، فإنه يَحصل له مَقْصُوده، لأنَّ الله تَعالى مالِك الدُّنيا والآخِرة، ولَه العِزَّة جَمِيعًا، كَما قَال تَعالى: (الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا)، وقَال عَزَّ وَجَلَّ: (وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا)، وقال جَلَّ جَلاله: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ). قال مُجاهد: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ) بِعِبَادَة الأوْثان (فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا).


(١) أي: لِدِين الإسلام.
(٢) التسهيل، مرجع سابق (٣/ ١٥٥).
(٣) تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق (٤/ ٣١٢، ٣١٣).
(٤) انظر: المرجع السابق (٧/ ٣٨٣).

<<  <   >  >>