للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما نِكَاح أهْل الكِتَاب إذا كَانُوا حَرْبًا (١) فلا يَحِلّ، وسُئل ابن عباس عن ذلك، فقال: لا يَحِلّ، وتَلا قَول الله تعالى: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) إلى قوله: (صَاغِرُون) [التوبة: ٢٩] … وكَرِه مالك تَزَوّج الْحَرْبِيَّات لِعِلَّة تَرْك الوَلَد في دار الحرْب، ولِتَصَرُّفِها في الْخَمْر والْخِنْزير (٢).

مُلخَّص جواب القرطبي:

١ - تَحْرِيم نِكَاح الْمُشْرِكَات في أوّل الأمْر في سُورة البقرة ثم نُسِخ منه تَحْرِيم نِكَاح نِساء أهل الكِتاب، وذلك في سورة المائدة، وهذا مِنْ باب الْخُصُوص والعُمُوم.

فيكون لفظ آية "البقرة" العُمُوم ويُرَاد به الْخُصُوص في الكِتَابِيَّات.

٢ - عَكْس القَول الأوّل؛ فَجَعلوا آية "المائدة" هي المنْسُوخَة، وآية "البقرة" هي النَّاسِخَة.

وهذا رَدَّه القرطبي مُعلِّلًا ردّه بِتَأخُّر نُزُول المائدة، وإنما الآخِر يَنْسَخ الأول.

٣ - للجَمْع بين الآيتين: فَرَّق بين إطلا لفظ "المشرِكين" ولفظ "أهل الكِتاب".

٤ - لفظ "الشِّرْك" عُمُوم وليس بِنَصّ، والآية في حِلّ نِساء أهْل الكِتاب نَصّ.

مُقارنة جوابه وجَمعه بين الآيات بجمع غيره من العلماء:

أطال ابن جرير النّفَس في تفسير آية "البقرة"، فَكَان مما قَاله: اخْتَلَف أهْل التَّأويل في هذه الآية هل نَزَلَتْ مُرَادًا بها كل مُشْرِكَة، أم مُرَاد بِحُكْمها بعض الْمُشْرِكات دُون بعض؟ وهل نُسِخ منها بَعد وُجُوب الْحُكم بها شَيء أم لا؟


(١) يعني مُحَارِبِين.
(٢) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٣/ ٦٥، ٦٦) باختصار. وقد أطَال القرطبي في المسألة، وأطَلْتُ في بعض ما نَقَلْتُه عنه - مع الاختصار - لأن المقصود بَيان مَنْهَجِه في "دَفْع توهّم التعارُض".

<<  <   >  >>