للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[رأي الباحث]

أن الآية عَامَّة يُرَاد بها الْخُصُوص في حَق مَنْ سَبَق في عِلْم الله أنه لا يُؤمِن، كَأَبِي لَهَب، وقد أنْزَل الله فيه ما أنْزَل.

ومَن ذَكَر أمْثِلَة أو أشْخَاصًا بأعْيَانِهم، فهم لا يَخْرُجُون عن هذا القيد.

قال الشنقيطي: هذه الآية تَدُلّ بِظاهرها على عَدم إيمان الكُفَّار، وقد جاء في آيات أُخَر ما يَدُلّ على أن بعض الكفار يُؤمن بالله ورَسوله، كَقوله تعالى: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ)، الآية [الأنفال: ٣٨]. وكَقوله: (كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ) [النساء: ٩٤] وكَقوله: (وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ) [العنكبوت: ٤٧]. وَوَجْه الْجَمْع ظَاهِر وهو أنّ الآية مِنْ العَامّ الْمَخْصُوص؛ لأنه في خُصُوص الأشْقِياء الذين سَبَقَت لهم في عِلْم الله الشَّقَاوة، الْمُشَار إليهم بقوله: (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (٩٦) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ) [يونس: ٩٦، ٩٧]. ويَدُلّ لهذا التَّخْصِيص قوله تعالى: (خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ) الآية. وأجَاب البعض بأن الْمَعْنَى: لا يُؤمنون ما دَام الطَّبْع على قُلُوبهم وأسْمَاعِهم، والغِشاوة على أَبْصَارِهم، فإن أزَال الله عنهم ذلك بِفَضْلِه آمَنُوا (١).

المثال الثالث:

نِكاح الكتابية بين الجواز والْمَنْع:

قوله تعالى: (وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ) [البقرة: ٢٢١] مع قوله تعالى: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) [المائدة: ٥].


(١) دفع إيهام الاضطراب، مرجع سابق (ص ٧).

<<  <   >  >>