للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"وأصَحّ الطُّرُق أن يُفَسَّر القُرآن بالقُرآن فَمَا أُجْمِل في مَكان فإنَّه قد بُسِطَ في مَوضع آخَر، فإن أعْيَاك ذَلك فَعَليك بالسُّنَّة، فإنّها شَارِحَةٌ للقُرآن ومُوَضِّحَةٌ له … والغَرَض أنك تَطْلُب تفسير القرآن مِنه، فإن لم تَجِدْه فَمِنْ السُّنَّة" (١).

وجَمَع فيها القرطبي بين الآيات بهذه الطريقة، فـ:

المثال الأول:

وَسْوَسَة إبْلِيس لآدم في الْجَنَّة:

قَوله تَعالى: (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ) [البقرة: ٣٦] وقوله تعالى: (وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ) [الأعراف: ٢١]، مَع قَوله تَعالى: (قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ) [الأعراف: ١٨].

[صورة التعارض]

آية "الأعْراف" تَدُلّ على أنَّ إبليس قد طُرِد مِنْ الْجَنَّة، وأُخْرِج مِنها، بَينما يُفهَم مِنْ آيَة "البقرة" وآية الأعراف أن إبْليس دَخَل الْجَنَّة، فَوَسْوَس لآدم.

وإشْكَال آخَر، وهو أنَّه "لا شَكّ أنَّ الله سبحانه وتَعالى طَرَد إبليس حِين امْتَنَع مِنْ السُّجُود عَنْ الْحَضْرة الإلَهِيَّة، وَأمَرَه بالْخُرُوج عَنها والْهُبُوط مِنها، وهَذا الأمْر ليس مِنْ الأوَامِر الشَّرْعِيَّة بِحَيث يُمْكن مُخَالَفَته، وإنّما هو أمْر قَدَرِيّ لا يُخَالَف ولا يُمَانَع" (٢).


(١) تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق (١/ ٦).
(٢) البداية والنهاية، ابن كثير (١/ ١٧٧).

<<  <   >  >>