للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أُمَامَة، أخْرَجَه التِّرْمِذِي (١) وقال: هَذا حَدِيث حَسَن صَحِيح. فَنَسْخُ الآية إنَّمَا كَان بالسُّنَّة الثَّابِتَة لا بالإرْث على الصَّحِيح مِنْ أقْوَال العُلَمَاء، ولَوْلا هَذا الْحَدِيث لأمْكَن الْجَمْع بَيْن الآيَتَين بأن يَأخُذُوا الْمَال عَنْ الْمُوَرِّث بِالوَصِيَّة، وبِالْمِيرَاث إنْ لَم يُوصِ، أوْ ما بَقِي بعد الوصية، لكن مَنَعَ من ذلك هذا الحديث والإجْمَاع .... فقد ظَهر أن وُجوب الوصية للأقْرَبين الوارِثين مَنْسُوخ بالسُّنَّة، وأنها مُسْتَنَد الْمُجْمِعين، والله أعلم.

وقَال ابنُ عَباس والْحَسَن: نُسِخَت الوَصِيَّة للوَالِدَين بالفَرْض في سُورَة النِّسَاء، وثَبَتَتْ للأقْرَبين الذِين لا يَرِثُون. وهو مَذْهَب الشافعي وأكْثَر الْمَالِكِيِّين (٢)، وجَمَاعَة مِنْ أهْل العِلْم.

وفي البُخاري (٣) عَنْ ابنِ عباس قَال: كَان الْمَال للوَلَد، وكَانَتِ الوَصِيَّة للوَالِدَين فَنَسَخَ [الله] (٤) مِنْ ذَلك مَا أحَبّ، فَجَعَلَ للذَّكَرِ مِثْل حَظّ الأُنْثَيَين، وجَعَلَ للأبَوَين لِكُلّ وَاحِد مِنْهُمَا السُّدُس، وجَعَلَ للمَرْأة الثُّمُن والرُّبُع، وللزَّوج الشَّطْر والرُّبُع.

وقال ابنُ عُمر وابنُ عَباس وابنُ زَيد: الآيَة كُلّها مَنْسُوخَة، وبَقِيَتِ الوَصِيَّة نَدْبًا (٥).

مُلخَّص جواب القرطبي:

١ - أنَّ آيَة "البَقَرة" في الوَصِيَّة للوَالِدَين والأقْرَبِين مَنْسُوخَة بِفَرْض الْمَوَارِيث في سُورَة النِّسَاء وبِالْحَدِيث.


(١) ح (٢١٢٠) وقال: وفي الباب عن عمرو بن خارجة وأنس، وهو حديث حسن صحيح، وقد رُوي عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير هَذا الوَجْه.
ورواه أحمد (ح ٢٢٢٩٤) وأبو داود (ح ٢٨٧٠)، وابن ماجه (ح ٢٧١٣)، ورواه أيضًا (ح ٢٧١٤) من حَدِيث أنس. وله شَواهِد، ويُنْظَر تخريجه في "إرْواء الغَليل في تَخْريج أحَادِيث مَنَار السَّبِيل"، الألباني (ح ١٦٥٥) وقال: صحيح.
(٢) يُنْظَر: موطأ مَالِك بِرِواية يحيى بن يحيى الليثي (٢/ ٧٦٥).
(٣) ح (٢٥٩٦).
(٤) زيادة مِنْ صَحِيح البُخَارِي، الموضع السابق.
(٥) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٢/ ٢٥٨، ٢٥٩) باختصار يسير.

<<  <   >  >>