للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على الآخَر في مثل: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ) [البينة: ٦]، وسِرّ ذلك أنَّ الْمُشْرِك هو مَنْ يَتَدَيَّن بالشِّرك، أي يَكُون أصْل دِينه الإشْراك، والكِتَابي - وإنْ طَرَأ في دِينه الشِّرْك - فلم يَكن مِنْ أصْله وجَوهَرِه (١).

[رأي الباحث]

١ - آية "البقرة" جَاءت في تَحريم نِكَاح الْمُشْرِكَات، وهي عَامَّة.

٢ - آية "المائدة" جَاءت في جَواز نِكَاح الكِتَابِيَّات الْمُحْصَنَات.

فلا تَعَارُض بين الآيات، فالآية الأولى عامّة في كل كافِرة ومُشْرِكة، والثانية مُخصِّصَة للكِتابِيَّات.

قال الشنقيطي:

قوله تعالى: (وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ) الآية، هذه الآية تَدُلّ بِظَاهِرِها على تَحْرِيم نِكَاح كُلّ كَافِرَة، ويَدُلّ لِذلك أيضًا قَوله تَعالى: (وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ)، وقد جَاءت آية أُخْرى تَدُلّ على جَواز نِكَاح بَعض الكَافِرَات؛ وهُنّ الْحَرَائر الكِتَابِيَّات، وهي قوله تعالى: (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ).

والجواب: أن هذه الآية الكَرِيمة تُخَصِّص قَوله: (وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ)، أي: مَا لَمْ يَكُنَّ كِتَابِيَّات، بِدَلِيل قوله: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ)، وحَكَى ابن جرير الإجْماع على هذا، وأمَّا مَا رُوي عن عُمر مِنْ إنْكَارِه على طلحة تَزويج يَهودية، وعلى حُذيفة


(١) محاسن التأويل، مرجع سابق (٣/ ١٥٧).

<<  <   >  >>