و "لأنَّ النَّبيَّ صَلى الله عليه وسلم قَدْ أكْرَه العَرب على دِين الإسْلام وقَاتَلَهم، ولم يَرضَ مِنهم إلَّا بالإسْلام"(١).
جَمْع القرطبي:
قال القرطبي: اخْتَلَف العُلَمَاء في مَعْنَى هَذه الآيَة على سِتَّة أقْوال:
الأوَّل: قِيل: إنها مَنْسُوخَة؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قد أكْرَه العَرَب على دِين الإسْلام، وقَاتَلهم ولَم يَرضَ مِنهم إلَّا بالإسْلام، قَاله سُليمان بن موسى. قَال نَسَخَتْها:(يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ)[التوبة: ٧٣]، ورُوي هَذا عَنْ ابنِ مَسعود وكَثِير مِنْ الْمُفَسِّرِين.
الثَّاني: لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَة، وإنما نَزَلَتْ في أهْل الكِتَاب خَاصَّة، وأنهم لا يُكْرَهُون على الإسْلام إذا أدَّوا الْجِزْية، والذين يُكْرَهُون أهل الأوْثَان، فلا يُقْبَل مِنْهم إلَّا الإسْلام، فَهُمْ الذين نَزَل فِيهم:(يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ) .... والْحُجَّة لهذا القَول مَا رَواه زَيد بن أسْلَم عن أبيه قال: سَمِعْتُ عُمر بن الخطاب يَقُول لِعَجُوز نَصْرَانِيَّة:
(١) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٣/ ٢٦٨). والمراد بالإكراه عدم قبول غير الإسلام، وقتالهم على ذلك. وسيأتي في تفسير الآية ما يُوضِّح المراد.