للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أوْ هُو في حَقّ الْمُنَافِقِين، فإنَّ اللهَ أخْبَر أنه يَقْبَل تَوْبَة الْمُنَافِق إذا تَاب، فَقَال سُبْحَانه وتَعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (١٤٥) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا) [النساء: ١٤٥، ١٤٦].

وأمَّا مَا في آية "الْحَجّ" فهو في الفَصْل بَيْن الأُمَم يَوْم القِيَامَة، وهو في حَقّ مَنْ لَم يُؤمِن، أمَّا مَنْ آَمَن فَلا يَبْقَى لَه نِسْبَة ولا انْتِسَاب إلى تِلك الْمِلَل.

ألَا تَرَاهُم إذا ذَكَرُوا مَنْ كَان مَجُوسِيًّا ثم أسْلَم قَالُوا: كَان مَجُوسِيًّا. ومِثْله يُقَال في حَقّ مَنْ كَان عَلى مِلّة غَيْر الإسْلام ثُمّ أسْلَم، فإنه لا يَبْقَى لَه إلَّا أنه "كَان كَذَا".

المثال الرابع:

التَّسَاؤل يَوْم القِيَامَة بين الإثبات والنَّفْي:

قَوله تَعالى: (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ) [المؤمنون: ١٠١]، مَع قَوله تَعالى: (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ) [الصافات: ٢٧].

[صورة التعارض]

قَوله تَعالى: (فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ) هَذه الآيَة الكَرِيمة تَدُلّ عَلى أنهم لا أنْسَاب بَيْنَهم يَومَئذٍ، وأنهم لا يَتَسَاءَلُون يَوْم القِيَامة؛ وقَد جَاءَت آيَات أُخَر تَدُلّ على ثُبُوت الأنْسَاب بَيْنَهم، كَقَولِه: (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ) [عبس: ٣٤] الآية .... وآيَات أُخَر تَدُلّ عَلى أنهم يَتَسَاءَلُون، كَقَولِه تَعالى: (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ) (١).


(١) دفع إيهام الاضطراب، مرجع سابق (ص ١٤٥، ١٤٦).

<<  <   >  >>