للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[رأي الباحث]

لم يَسْأل النبي صلى الله عليه وسلم أحَدًا أجْرًا عَلى دَعْوتِه، وإنما سَألَهم صِلَة مَا بَيْنَه وبَيْنَهم مِنْ القَرَابَة.

والاسْتِثْنَاء في آيَة "الفرقان": (إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا) ومِثْله مَا في آيَة "الشورى": (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)، فهو اسْتِثْنَاء مُنْقَطِع ليس مِنْ مَعْنَى الْمُسْتَثْنَى مِنْه.

ويُمَثِّل لَه أهْل اللغَة بِقَولِهم: "جَاء القَوم إلَّا حِمَارًا" (١)، ويُؤكِّد كَون الاسْتِثْنَاء مُنْقَطِعًا - خَاصة في آيَة "الشورى" - انْتِصَاب مَا بَعْده، وهو (الْمَوَدَّةَ).

قال ابن مالك:

ومَا اسْتَثْنَت "إلَّا" مَع تَمَام يَنْتَصِب وبَعْد نَفْي أوْ كَنَفْي انْتُخِب

إتْبَاع مَا اتَّصَل، وانْصِب مَا انْقَطَع وعَن تَمِيم فِيه إبْدَالٌ وَقَع

قال ابن عقيل: فإن وَقَع (٢) بَعد تَمَام الكَلام الذِي لَيس بِمُوجَب - وهو الْمُشْتَمِل على النَّفْي، أوْ شِبْهِه، والْمُرَاد بِشِبْه النَّفْي: النَّهْي، والاسْتِفْهَام - فَإمَّا أن يَكون الاسْتِثْنَاء مُتَّصِلًا، أوْ مُنْقَطِعًا، والْمُرَاد بِالْمُتَّصِل: أن يَكون الْمُسْتَثْنَى بَعْضًا مِمَّا قَبْلَه، وبِالْمُنْقَطِع، ألَّا يَكُون بَعْضًا مِمَّا قَبْلَه (٣).

وأمَّا وَصِيَّتُه صلى الله عليه وسلم بِعِتْرَتِه - وهم أهْل بَيْته - فهذا لم يَكن بِمَكَّة، وإنما كانت خُطْبَته صلى الله عليه وسلم بِمَاء يُقَال له "خُمّ" وهو بَيْن مَكَّة والْمَدِينَة (٤)، وكان هذا في آخِر حَياته صلى الله عليه وسلم، فقد جَاء في بَعض الرِّوَايات أنَّ ذلك في


(١) انظر: شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك (١/ ٢٧٢).
(٢) يعني الاستثناء.
(٣) شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، مرجع سابق (١/ ٢٧٢)، وانظر: شرح قطر الندى، ابن هشام ص (٢٧٢).
(٤) قال ياقوت الحموي في "معجم البلدان" (٤/ ١٨٨): وغدير خم بين مكة والمدينة، بينه وبين الجحفة ميلان.

<<  <   >  >>